ثورة أون لاين – بشرى فوزي
يولد الطفل مخلوقاً صغيراً ضعيفاً يحتاج رعاية خاصة منذ لحظة خروجه للحياة، وتبدأ رحلة الأم والأب في معرفة طرق العناية بطفلهم والتي تسمى (تربية)، ولكن من المفيد التمييز بين الرعاية والتربية، حيث ترعى كل الكائنات أبناءها ولكنها لا تربيهم، ويتفوق الإنسان على غيره بالرعاية والتربية معاً.
فالرعاية هي الاهتمام بالطفل من طعام ولباس ونوم، أمّا التربية فهي تنمية مهارات الطفل وتعليمه أصول الحياة -إذا صح القول- إضافة إلى توجيه اهتماماته، ووضعها على أول الطريق الصحيح من حيث تنمية هواياته وتعليمه الأخلاق وتوجيهه لما يكون شخصية مستقلة فعالة في المجتمع.
بهذا الخصوص أكدت إلهام محمد -رئيس دائرة البحوث في مديرية تربية دمشق- أن مهمة الأسرة لا تقتصر على تقديم الرعاية (طعام وشراب ولباس وغير ذلك) بالنسبة لأطفالهم، معتبرةً أنّ باستطاعة أي شخص تقديم هذه الحاجات للطفل، ومؤكدةً أنّ ذلك يختلف من أسرة لأخرى حيث تعتبر بعض الأسر تقديم الطعام والشراب تربية ناجحة ولا يحتاج الطفل غير ذلك، فيما ترى بعض الأسر الأخرى أنّ هناك حاجات أخرى كثيرة للطفل غير الطعام والشراب، فتقديم الطعام وغيره للطفل يلبي حاجة واحدة من حاجات النمو لدى الأطفال، علماً أنّ شخصية الطفل يجب أن تكون متكاملة اجتماعياً وفكرياً ونفسياً وانفعالياً، وهنا نسمي كل ذلك “تربية”.
وبينت أنّ التربية السليمة كفيلة بإعداد طفل سوي من جميع النواحي، ولم تخف رئيس دائرة البحوث أهمية دعم الأهل لأطفالهم لتنمية ثقة أطفالهم بقدراتهم ورفع تقديرهم لذاتهم والتعريف بخصائصهم الفكرية والاجتماعية والعاطفية واللغوية، مع التأكيد أنّ لكل طفل شخصيته المستقلة المختلفة، وهو بذلك يحتاج إلى أسلوب تدريب وتعليم مختلفين.
كما أشارت محمد إلى دور الأهل في تدريب أولادهم على اكتساب مهارات الحياة كالتواصل واتخاذ القرار والتعاون وتأكيد الذات والتفكير النقدي وإدارة النزاع، لأنّ هذه المهارات يجب أن تعاش من قبل الأطفال وهي الضامنة لمراحل العمر كافة.
ونوهت إلى ضرورة تنمية قدرات الطفل ليعبر عن مشاعره ويحل مشاكله إن وجدت، معبراً بذلك عن رأيه بعيداً عن تسلط الأهل واستفرادهم بكل ما يخص أطفالهم ومن جميع النواحي، مؤكدةَ أنّ هذا يتوافر في البيئة المحفزة الداعمة للطفل.
كما تحدثت عن أهمية مشاركة الأطفال بألعابهم وتدريبهم على الأدوار في الألعاب وما الغاية والهدف من كل دور أو لعبة، ومساعدتهم في المحافظة على ملكيتهم دون الوصول إلى الأنانية.
فالتربية بحسب رئيس دائرة البحوث هي تربية الطفل على مواجهة الأزمات والتحديات وتحصينه من كل أشكال الضغوط، والتحكم في انفعالاته، وهنا يكمن دور الأسرة الكبير حيث تتمحور مهمتها في تلبية الاحتياجات كافة.