الملحق الثقافي:جيهان رافع:
تبدأ الذاكرة بوضع الخطوط الأخيرة لزمن الحكاية.
سار على رؤوس أصابع محبرته كي لا يوقظ الألم أكثر، اتّكأ على سريره وألقى برأسه على كتف القلم، علّه يخلّص بعض نومه من بعض أرقٍ أرهق صدره، وعاد للكتابة.
لقد اغتال رحيلك روحي، كما اغتصب طفولة الحبّ، هل أصبحنا هكذا فعلاً؟!
تبّاً لذلك الطين أفسد الرحيق منذ وضعت على آخر قطرة مطرٍ باقة أقحوان، ففاحت رائحة لحد أحلامي، واختارت ذكراك شاهدة لها.
كان يحتفظ بسيجاره الكوبيّ الذي أهداه إياه أحد المغتربين، ليوم يشعر بفرط الشهوة لإفراغ ذاكرته على الورق. أراد إشعاله، لكنّه تردّد خوفاً من أن تكون المرّة الأخيرة التي يكتب فيها. هل الورق أحياناً يمتصّ ما لا نريد التخلّي عنه، حتّى لو أرّق ذاكرتنا؟!
اختبأ بجيوب المساء وأنين بقايا ليله يصرخ باستجداء، ولن تعود.
لملم قطع الورق الممزق تحت قدم الغياب ووضعها داخل قميصه في الجهة اليسرى، واستسلم للأرق من جديد.
التاريخ: الثلاثاء28-4-2020
رقم العدد : 996