ما بعد الصمت.. هل دخلت واشنطن فعلاً في حرب مفتوحة مع إيران..؟!

أحمد نور الرسلان – كاتب صحفي

شكّل الإعلان المفاجئ للرئيس الأميركي دونالد ترامب، فجرالأحد، عن تنفيذ القوات الأميركية ضربات جوية على منشآت نووية إيرانية، تطوراً استثنائياً في مسار الصراع الإقليمي، وتحوّلاً نوعياً في قواعد الاشتباك بين واشنطن وطهران، بعدما ظلت الولايات المتحدة لسنوات تكتفي بالدعم اللوجستي والاستخباراتي لإسرائيل من دون الانخراط العسكري المباشر.

الضربات التي استهدفت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، والتي وُصفت بأنها “ناجحة واستباقية”، تفتح الباب أمام سيناريوهات جديدة في المنطقة، وتعيد ترتيب أولويات اللاعبين الإقليميين والدوليين.

منذ الاتفاق النووي عام 2015 وحتى انسحاب واشنطن منه في عهد ترامب، حرصت الإدارات الأميركية المتعاقبة على عدم الانزلاق نحو مواجهة عسكرية شاملة مع إيران، حتى حين هاجمت إسرائيل مواقع نووية أو نفذت عمليات اغتيال ضد علماء إيرانيين، كانت واشنطن تتبنى سياسة “الاحتواء المحسوب”، لكن اليوم، كسرت الضربات الأميركية هذا الحاجز، لتعلن بوضوح دخول واشنطن طرفاً مباشراً في الحرب على البرنامج النووي الإيراني، بما يحمل من دلالات عسكرية ورسائل استراتيجية متشعبة.

ورغم اللهجة التصعيدية التي استخدمها الرئيس ترامب، إلا أن توقيت الضربة ومحدداتها العسكرية تشيرإلى أنها جاءت في إطار عملية محسوبة تهدف إلى “فرض وقائع ميدانية جديدة”، تُجبر طهران على العودة إلى طاولة المفاوضات بشروط أميركية، والرسالة المركزية للضربة تقول: “لا يمكن لإيران مواصلة تطوير قدراتها النووية من دون أن تدفع ثمناً عسكرياً باهظاً”، وأن أي تراخٍ أميركي سابق انتهى لصالح استراتيجية حازمة أكثر اندفاعاً.

وتُدرك الولايات المتحدة أن البرنامج النووي الإيراني يمثل نقطة توازن رئيسية في نفوذ طهران الإقليمي، سواء في العراق وسوريا أو لبنان واليمن، لذلك، فإن استهداف هذا البرنامج لا يقتصر على منع إيران من الوصول إلى قدرات عسكرية نووية، بل يسعى أيضاً إلى “تقويض شبكة النفوذ الإقليمي الإيراني”، وتبعث الضربة برسالة مزدوجة: إلى النظام الإيراني بأن سقف التصعيد الأميركي ارتفع، وإلى حلفائه بأن الرهان على مظلة نووية إيرانية أصبح غير مضمون.

كما أن الضربة الجوية تشير أيضاً إلى مستوى متقدم من التنسيق الأميركي-الإسرائيلي، تجاوزالدعم السياسي إلى “شراكة عسكرية فعلية” في استهداف المشروع النووي الإيراني، فبحسب تقاريرإعلامية، استهدفت إسرائيل في وقت سابق منشأتي نطنز وأصفهان، فيما أكملت واشنطن المهمة عبر قصف مركز على فوردو.

هذا التبادل في الأدوار يعكس “تحولاً في العقيدة الأميركية” من “إعطاء الضوء الأخضر” إلى “تقاسم النيران”، ما يعزز التحالف الأمني في لحظة إقليمية حرجة.

ولا يمكن إغفال البعد السياسي الداخلي للضربة في السياق الأميركي، حيث يسعى دونالد ترامب إلى إعادة إنتاج صورته كقائد قوي قبيل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ففي مواجهة الانتقادات بشأن سياساته الخارجية المتقلبة، شكّلت هذه العملية فرصة لإظهارالحزم العسكري، وكسب التأييد في الأوساط اليمينية والمحافظة، خصوصاً تلك المرتبطة باللوبي الداعم لإسرائيل، والتي تمثل قاعدة انتخابية حيوية لأي مرشح جمهوري.

وبقدر ما تحمل الضربة طابعاً هجومياً، إلا أنها في الوقت ذاته تُمثّل “اختباراً دقيقاً لرد الفعل الإيراني”، فطهران باتت أمام معادلة صعبة: الرد العسكري قد يجرّ البلاد إلى مواجهة شاملة مع الولايات المتحدة، والسكوت قد يُفهم كضعف استراتيجي. ومن هنا، تبدو إيران مضطرة إلى البحث عن “رد محسوب” لا يُفقدها هيبتها الإقليمية، ولا يفتح الباب أمام انهيار أوسع في ميزان الردع الذي بنت عليه استراتيجيتها في العقد الأخير.

رغم تصريحات ترامب بأن المواقع المستهدفة “تمّ تدميرها بالكامل”، إلا أن خبراء دوليين يؤكدون أن البرنامج النووي الإيراني لا يزال قادراً على الاستمرار، نظراً إلى أنه مبني على بنية تحتية موزعة ومرنة، لكن الضربة وجهت “ضربة نفسية وسياسية حادة”، وربما ستؤدي إلى تجميد جزئي في بعض أنشطته أو إلى تغييرات تكتيكية في طبيعة التخصيب والتمركزالجغرافي، خاصة بعد أن تم استهداف منشآت عُدّت سابقًا “محصنة”.

بالتأكيد، الضربة الأميركية على منشآت نووية إيرانية لا تمثل مجرد عمل عسكري تقني، بل هي “تحول استراتيجي في مقاربة واشنطن للصراع مع إيران”، ورسالة عن نهاية مرحلة وبدء أخرى أكثر حساسية وتعقيدًا، إنها إعلان أميركي صريح بأن القوة العسكرية عادت لتكون أداة مباشرة في هندسة التوازنات الإقليمية، وأن واشنطن لم تعد مستعدة لانتظارمفاوضات طويلة بلا نتائج، في حين تبدو طهران أمام مفترق طرق: إما الانخراط في معادلة جديدة تفرضها القوة، أو المضي في تحدٍ محفوف بالمخاطر قد يغيّر شكل الصراع في الشرق الأوسط برمّته.

آخر الأخبار
خبير اقتصادي لـ " الثورة":  الانتعاش الاقتصادي يسير في طريقه الصحيح  يعيد الألق لصناعتها.. "حلب تنهض"… مرحلة جديدة من النهوض الصناعي زيادة الرواتب 200%.. خطوة تعزز العدالة الاجتماعية وتحفز الاقتصاد الوطني  تأهيل المكتبة الوقفية في حلب بورشة عمل بإسطنبول الشيباني وفيدان يؤكدان أهمية مواصلة التنسيق الثنائي   غلاء أجور النقل هاجس يؤرق الجميع.. 50 بالمئة من طلاب جامعة حمص أوقفوا تسجيلهم تأثيرات محتملة جراء الأحداث على الاقتصادات والتجارة منع ارتداء اللثام لقوى الأمن الداخلي بحمص    "يا دهب مين يشتريك "؟ الركود يسيطر وتجار صاغة اللاذقية يشكون حالهم ترحيل مكب قمامة الفقيع بدرعا مراكز امتحانية لتسجيل طلاب الثانوية في المنطقة الشرقية    دعم نفسي وتدابير القلق الامتحاني بدرعا جامعة حلب تدخل التصنيف العالمي.. د. رعدون يكشف لـ"الثورة " تفاصيل فضيحة التزوير في كلية الاقتصاد 214835 طناً كميات القمح المسلمة..  عثمان لـ"الثورة": الجفاف وراء تراجع الكميات    مخالفات ري مزروعات بمياه الصرف الصحي بدرعا الشيباني يبحث مع نظيريه اليمني والجزائري تطوير العلاقات وتعزيز التعاون أوضاع مستشفى ابن رشد للأمراض النفسية تثير التساؤلات.. نقص بالموارد والأدوية وغياب تخصص "التمريض النف... مرسوم بزيادة 200% على رواتب أصحاب المعاشات التقاعدية مرسوم بزيادة الرواتب والأجور المقطوعة للعاملين المدنيين والعسكريين بنسبة 200% بنسبة 200 في المئة.. الرئيس الشرع يصدر مرسومين تشريعيين بزيادة الرواتب والأجور