وهل تُغني لحظاتنا الحارة.. الدافئة.. عن حرارة تفكيرنا، كأن يستلقي هذا الأخير في حوض البرودة المستقرة..؟؟
بعض الذين تشجعوا لدعوة الفيلسوف الألماني “بيتر سلوتردايك” في الفصل بين عيشنا وتفكيرنا، حاولوا تطبيق مقولته: «العيش بحرارة والتفكير ببرودة».. وبالتالي ثمة تناسب عكسي بين ما نحياه وبين ما نفكر فيه.. فحين تكفّ الحياة عن صخبها المحبّب.. ينتقل هذا الأخير إلى حيز تفكيرنا، كما لو أننا نبتغي التعويض وعيش الحياة ولو كانت في “سربٍ من أفكار”.
«فالتفكير يكون حاراً حين يريد أن يلهب العيش».. وكأن التطبيق العملي لهذه المقولة يؤدي إلى جعل الفكر يتوهج بشرارة تدفقه.. يعيد الانتعاش للعيش كلّما خبا توهجه، وهو ما يعني أن الحالة المعتادة أن يكون التفكير/الفكر في حالة برودة على خلاف لحظات عيش كما تريد مقولة “سلوتردايك”.
ماذا لو كانت الحالة هي العكس تماماً..؟!
فصقيع الروتين المعاش وفظاعات التفاصيل اليومية الجافة، تفتح باباً لانكماش محاولات “العيش بحرارة”.
ومع ذلك يتمسّك البعض بانتشال إيجابية الدعوة تلك مما حولها من منغصات الواقع.. على طريقة رؤية أن «التفكير البارد يساوي الفكر، وفي حين أننا نعيش بحرارة، يصير فكراً يخفف ببرودته اشتعال عيشنا بمعنى أنه يقيه الترمّد»، أي يحافظ على برودته ويديم استمرار العيش بحرارة..
خلطة التوازن تعني: كلّما كان عيشنا حاراً كان تفكيرنا بارداً والعكس صحيح..
كأن يتم تسخين لحظات عيشنا الباردة على صفيحة التفكير الساخنة..
والسؤال: ما الذي من الممكن أن يتأتّى من كل ذلك التفكير “الحار” والمتّقد”..؟؟
ألا يصح أن استرخاء الفكر يمنح استرخاءً يوازيه حياتياً..؟
أن نحيا بحرارة ونفكر ببرودة.. قاعدة غالباً ما تكون مقلوبة الحدّين.. فكل ما نتقن صنعه هو تفتيت لحظات البرودة المعاشة بالكثير من سخونة أفكارنا.. كنوع من حياة بديلة.
رؤية- لميس علي