في ميزان تقييم مدى فاعلية وانخراط القطاع الخاص السوري بكل تصنيفاته من رجال أعمال وتجار وصناعيين في الاضطلاع بدوره ومسؤولياته وتغليب مصلحة البلد على مصالحه الخاصة والضيقة، خاصة خلال السنوات الأخيرة الصعبة والاستثنائية التي أثرت على الاقتصاد ومعيشة الناس تبدو كفة الأنا واقتناص الفرص والاستغلال ” طابشة ” بشكل واضح على كفة المصلحة العامة وحاجات وظروف المرحلة.
وعلى مستوى الشارع السوري فتجربة سنوات الحرب الإرهابية التي فرضت على سورية وما رافقها من عقوبات اقتصادية، وخلال الفترة الماضية مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا، يمكن تلخيصها بالمثل الشائع لدينا ” شو بدي اتذكر منك ياسفرجلة كل عضة بغصة ” حالات استغلال واحتكار وابتعاد عن أبسط معايير واخلاقيات العمل التجاري والاقتصادي وشكوى وارتفاع أصوات المطالب بمزيد من المزايا والاستثناءات، دون الاستعداد للتخلي عن أي مكسب، تلك المزايا التي كانت تقدم بسخاء مع مقابل متواضع ولا يوازيها نتيجتها تجلت في تشميع العديد من كبار رجال الأعمال والصناعيين الخيط من بداية الأزمة ضاربين عرض الحائط بحاجة البلد لهم في اصعب الظروف، وحتى البعض الذي أشبعنا محاضرات أنه يؤمن احتياجات الاقتصاد من بعض السلع والمنتجات الأساسية لم يكن يقدمها مجاناً بل حقق ثروات طائلة ما كان يحلم بها.
ولعل نموذج اختبار القطاع الخاص “ونحن هنا نؤكد على عدم التعميم ” في التكامل والتشارك مع جهود الحكومة وهي دون شك مقبولة في ظل محدودية الموارد، للتخفيف من التداعيات الاجتماعية القاسية للإجراءات الاحترازية المتخذة للتصدي لفيروس كورونا كجزء من مسؤوليته الاجتماعية عبر دعوته للمساهمة في دعم الحساب الخاص بالحملة الوطنية للاستجابة الاجتماعية الطارئة الذي فتح منذ نحو شهر ورقم الـ 32 مليون ليرة غلة حساب الحملة لغاية الأمس رقم مخجل ومعيب ونقطة سوداء في مسيرة عمل هذا القطاع.
وإن كانت المبررات قد تحضر للمغتربين السوريين جراء الصعوبات التي تعترضهم في التحويلات المالية رغم تأكيدنا على أهمية العمل وتكامل جهود جميع الجهات المعنية لتجاوزها، فلا يمكن ايجاد أي تبرير لهذا التقاعس والتخاذل من القطاع الخاص الذي يفشل في امتحان أخر لتأكيد دوره ومكانته في المشهد السوري بكل قطاعاته أو حتى سعيه لتغيير قتامة الصورة المحفورة في أذهان الناس عنه من خلال تعزيز النقاط البيضاء وتكثيفها في الصورة بما يعكس ما عرف عن المجتمع السوري من تكاتف وتكافل يتجلى بشكل خاص في الأوقات الصعبة كما التي تمر على البلد حالياً.
الكنز -هناء ديب