يتصف عمل الأجهزة الرقابية بالانتقائية، ومع التدخلات يصبح موجهاً لجهات معينة دون سواها، فيما تتمتع بعض الجهات بالحصانة وفقاً لمدة استمرار الجهة المتدخلة، وهذا ما نلمسه بعودة الجهات الرقابية لملفات نسيها الزمن وتوفي بعض أطراف العلاقة فيها وتعفنت وثائقها، والأغرب من ذلك أن الجهات الرقابية تعمل بعيداً عن كل الظروف، فلا تعترف بالحرب وظروف العمل التي رافقتها من فقدان وثائق وارتفاع الأسعار وغياب العارضين وغير ذلك من المفرزات.
تدخل الجهات الرقابية الى بعض الجهات وتُوقف العمل وتتعاطى مع العاملين بطريقة اتهامية وتخوينية منذ اللحظة الأولى الأمر الذي يدفع بالعاملين للتوقف عن العمل وابتلاع كل المبادرات والاجتهادات والاقتصار على التنفيذ والروتين ولو بلغت الخسائر مهما بلغت.
كثير من الدول تحاسب على النتائج في إطار القانون وروح القانون وظروف العمل والظروف العامة، لأن أسلوب العمل يختلف في العقوبات والحرب عن أسلوب العمل في الظروف الطبيعية ولذلك لا يُمكن تطبيق الرقابة نفسها على الخطوات وأسلوب التعاقد والأسعار.
الخلل في عمل الأجهزة الرقابية يعود في سببه الأول لضعف الخبرات القانونية والإدارية والفنية في الأجهزة الرقابية، ولغياب تحميل المسؤولية لكادر الرقابة، فالمفتش يتمتع بالحصانة ولا يتحمل مسؤولية رغم وجوده في الجهة نفسها وبنفس الزمان الذي حصلت فيه المخالفة، وإن كان هناك من يعترض على هذا الكلام فهو يقول إن الجهات الرقابية غائبة عن مؤسساتنا وجهاتنا العامة.
كل ملف فساد يُكشف اليوم هو إدانة واضحة لغياب الجهات الرقابية، والتبرئة من الإدانة تعني التقصير والغياب، وهذا وذاك يستدعيان إصلاح الأجهزة الرقابية قبل إصلاح المؤسسات الأخرى، لأنه عندما تغيب الرقابة والمحاسبة يستفحل الفساد وهو ما نراه اليوم في قطاعنا العام.
من لا يعمل لا يخطئ، ولكن ليس كل خطأ مقصوداً وهنا يأتي دور الجهات الرقابية التي لم تستطع تطوير كوادرها وإداراتها لتعمل في إطار الرقابة المسبقة وليس الرقابة بالتوصية والانتقائية والتدخل والكيدية.
على الملأ – بقلم مدير التحرير معد عيسى