ثورة أون لاين- فاتن عادله:
إزالة تماثيل ورموز العنصرية في أميركا كما دعت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي هل تغير الصورة العنصرية الأميركية؟ وهل يهدأ غضب الشارع الأميركي الملتهب منذ 25 أيار الماضي بمجرد إزالة تلك التماثيل؟ وهل تنتهي معاناة السود تحديداً من الفوارق الطبقية وتتحقق العدالة وتتم جملة الإصلاحات، وكأن شيئاً لم يكن؟ سؤال يطرح نفسه.. والجواب عليه يبدو مستحيلا مادامت جذور العنصرية ممنهجة ومتأصلة ومستمرة منذ نشأة الولايات المتحدة ،ومستمرة في كتلة ممن يقودون أميركا ويشرفون على قيادتها ويتناوبون عليها من رؤساء ومسؤولين وحكام وتجار وشركات بكل تصنيفاتهم، ودولة عميقة لم تغير من سياساتها العنصرية ،ولا من مستوى جرائمها وتاريخها الدموي الممتد رغم كل الجرائم التي حصلت ودون محاسبة.
لكن هذه العنصرية المستشرية داخل المجتمع الأميركي يمكن إزالتها وتحقيقها فقط عبر إقصاء مثل تلك الرؤوس الحامية في قيادة أميركا التي تمثل الرموز الحية لتلك العنصرية البغيضة، من أجل إحداث تغيير حقيقي، وليس كما رأت بيلوسي والتي هي من فصيلة العنصريين، وتحاول من دعوتها تلك تهدئة المحتجين فقط، للالتفاف على مطالبهم في خطوة خبيثة غير موفقة كمن يغطي الجمر بالرماد، كما أنه بدعوتها إلى إزالة 11 تمثالا لعسكريين ومسؤولين من الحقبة الكونفيدرالية بزعم مكافحة العنصرية فإنها تسقط نفسها بطريقة أخرى أمام هذا الشارع الغاضب، وكان الأجدر بها أن تدعو إلى ضرورة اجتثاث مفاهيم العنصرية المتجذرة في نفوس المتحكمين بالسلطة في بلادها، ولكنها أهانت بشكل فاضح عقول المحتجين والغاضبين على هذه السياسات العنصرية الإرهابية، والمطالبين بالعدالة.
أمام هذا التلاعب المكشوف بعقول المحتجين من قبل بيلوسي، فإن ترامب يعطي التأكيد الأبرز على ضرورة إزالة الرموز العنصرية في السلطة، وهو على رأسها، حيث جدد اليوم إصراره على المضي بنهجه العنصري بعد وصفه المحتجين بمدينة سياتل بولاية واشنطن “بالإرهابيين” الداخليين، ودعوته السلطات المحلية إلى مكافحة ما أسماها أعمال الشغب، منتقدا حاكم ولاية واشنطن، جاي إنسلي وعمدة المدينة، جيني دوركان، وحثهما على اتخاذ إجراءات أكثر حسما ضدهم، مهدداً بفعل ذلك بنفسه في حال عدم استجابتهما له، فيما وثقت وسائل إعلام أميركية، مقطع فيديو لعملية اقتحام صفوف المحتجين في أحد شوارع سياتل بسيارة مدنية، ما أسفر عن جرح العشرات وتوقيف سائقها بالقوة وهربه من المنطقة.
أما في بريطانيا التي لا تقل عنصرية عن أميركا حيث الاثنتين تسيران في ذات النهج العدواني ، فكانت هناك حملة باسم “اطرد العنصريين” دعا إليها نشطاء بريطانيون ضمن الحملة العالمية ضد العنصرية إلى إزالة قائمة بتماثيل وشوارع ومؤسسات تحمل أسماء عنصريين، وفق ما أفاد موقع “أنشئ في بريطانيا” والقائمة تشمل أسماء العديد من الشخصيات التاريخية المعروفة من بينها رئيسا وزراء بريطانيا الأسبقان ويليام غلادستون وروبيرت بيل، والبحاران والمستكشفان جيمس كوك وفرنسيس دريك، وترى الحملة أن تماثيل أصحاب العبيد والمستعمرين يجب هدمها حتى تعترف بريطانيا أخيرا بحقيقة ماضيها وحاضرها الآن، إضافة للمطالبة بتغيير أسماء الشوارع والمحال والمطاعم والأماكن الأخرى في عموم البلاد التي تذكر بريطانيا بماضيها الاستعماري، فيما نشرت الحملة على موقعها خريطة تفاعلية تضم أماكن العناصر غير المرغوب فيها، ويمكن لزائري الموقع توسيع قائمتها