ثورة أون لاين – ريم صالح:
منذ أن استلم العنصري أردوغان رئاسة حزب العدالة والتنمية في تركيا، وقبل أن يصبح رئيساً للنظام التركي تجلت حقيقته العنصرية من خلال ممارساته القمعية لإسكات الأصوات المعارضة حتى داخل الحزب نفسه، ونشاهد اليوم الانشقاقات المتصاعدة في صفوف هذا الحزب، فهو لا يوفر أي وسيلة قمعية إلا وينتهجها بحق معارضية، ويسعى بكل إمكانياته الحزبية والسلطوية إلى أن يعيد عهد الإمبراطورية العثمانية البائدة التي قامت على القتل وارتكاب المجازر الجماعية، داخل تلك الإمبراطورية وخارجها في الدول التي كانت تستعمرها.
وبما يشابه العنصرية المفرطة لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب وشرطته بحق الملونين السود، يمارس أردوغان النهج العنصري ذاته بحق من يعارض سياساته الهوجاء، ومقطع الفيديو الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي اليوم، ويظهر قيام عناصر من شرطة أردوغان بارتكاب انتهاكات واعتقال أطفال ونساء خلال حملات دهم لاعتقال مطلوبين بتهم سياسية، وأثار موجة من الغضب في الشارع التركي يحاكي نفس أسلوب البلطجة الأميركية.
مقطع الفيديو الذي وثق مقتل جورج فلويد خنقاً تحت أقدام الشرطي الأميركي، لا يختلف من حيث العنصرية، والعقلية الإجرامية المستحكمة بعقول رجال الشرطة الأميركيين وقادتهم، عن مقطع الفيديو الذي قالت صحيفة زمان التركية انه تم تصويره أمس في ولاية أضنة، حيث أظهر هذا المقطع عملية مداهمة عنيفة لأحد المنازل من عدد كبير من عناصر الشرطة مدججين بالأسلحة من أجل إلقاء القبض على أحد الأشخاص بذريعة تواصله مع معارضين لنظام أردوغان، وسمع خلاله صوت شرطي وهو يقول لزميله بأن هناك طفلاً، ولكن المسؤول أمر بأخذ الطفل مع والدته واعتقالهم أيضاً تحت ذرائع واهية.
أردوغان وترامب يجسدان اليوم العقلية الوحشية التي ترتكز عليهما سياساتهما الداخلية والخارجية، لجهة استخدامهما كل أنواع البطش والتنكيل بحق معارض سياساتهما العنصرية، فترامب يشاهد العالم اليوم ما يفعله بحق المحتجين في الشوارع الأميركية، وأردوغان لم يتوقف لحظة واحدة عن إرهاب معارضيه بشتى الوسائل والزج بهم في غياهب السجون، فخلال السنوات الماضية شنت سلطات النظام التركي حملات دهم وقمع بحق المعارضين لها واعتقلت أكثر من 77 ألف شخص واتخذت قرارات فصل أو إيقاف عن العمل بحق نحو 150 ألفاً من العاملين في الحكومة والجيش وسلك القضاء والتعليم ومؤسسات أخرى، وأيضاً شرطة ترامب زجت بالمئات من المنتفضين ضد التمييز العنصري في السجون خلال حملات الاعتقال التي لا تزال تقوم بها خلال الاحتجاجات الحاصلة.
إذاً فالشبه واضح بين سياسات ترامب وأردوغان العنصرية، حتى أن صحيفة الاندبندنت البريطانية قالت في مقال سابق لها تحت عنوان “من الواضح كيف أن ترامب وأردوغان متشابهان…كلاهما يلحقان الضرر بوحدة بلديهما” أن كليهما يتشاركان نفس الأفكار والنهج في كيفية قمع المظاهرات والاحتجاجات، وأن التشابه بينهما يتضح من خلال التعامل مع الاحتجاجات حيث هدد ترامب بنشر الجيش، ودعم ضمنياً قوات الشرطة، وكذلك فعل أردوغان حيث كان حديثه الشرس عن تعزيز حكمه خلال سلسلة من ثلاثة انتخابات متعاقبة بدأت في عام 2002 إضافة إلى مواجهته ما شهدته تركيا أيضاً على مدى السنوات الماضية من احتجاجات سلمية حيث صورها النظام بأنها “مؤامرة أجنبية بقيادة اللصوص والعصابات الفوضوية”، وقالت الصحيفة إن ترامب وأردوغان “يتطلعان إلى حماية صورتهما ويتشاركان بوضوح أفكاراً مماثلة حول كيفية التعامل مع الاحتجاجات لكنها تأتي على حساب وحدة المجتمع والحقوق داخل بلديهما”.