بطولات كبيرة قدمها عناصر إطفاء طرطوس “الطوارئ والكوارث” تبدأ رحلة تحسين الاستجابة للحرائق
تحقيق – ربا أحمد
تعرضت محافظة طرطوس هذا العام إلى ٣٣ حريقاً حراجياً بمساحة ١٥٥ دونماً، و١١١ حريقاً زراعياً بمساحة ٢٦٠ دونماً، وهي مساحات واسعة كان وراء إخمادها مديرية تضم أبطالاً حقيقيين، حاولوا بكل ما أوتوا من قوة العمل على إطفائها والحد من انتشارها.. كذلك الأمر مع حرائق اللاذقية الهائلة فقد ظهرت عدة مبادرات من أهالي طرطوس للمساهمة بإطفاء الحرائق في اللاذقية.. في هذا التحقيق نرصد بعض وقائع تلك الأيام الحزينة، وما يتم التخطيط له من قبل المعنيين..
نفي المسببات
الخبير البيئي محمد صالح، تحدّث لجريدة الثورة عن الوقاية من الحرائق، قائلا: إن خطة مواجهة الحرائق تبدأ أولا بنفي المسببات ومن ثم التعامل مع الحريق، لذلك على رؤساء الوحدات الإدارية تعزيل الطرقات والطرق الزراعية، ومطالبة الأهالي بتعزيل أراضيهم، وكذلك على مديرية الحراج الاستنفار الكامل في حراج المحافظة وغاباتها وتعزيلها ورفدها بآبار مياه جاهزة للاستخدام، إضافة إلى توعية المجتمع الأهلي والمنظمات الأهلية بضرورة حماية المساحات الخضراء بأعمال تطوعية دائمة من خلال التعزيل والتشجير والسقاية.
وأضاف: يجب تحليل بيانات الجهات المتخصصة كالأرصاد الجوية التي تقدم إنذارات مبكرة تجعل الجهات المعنية في حالة جاهزية تامة في المواقع القابلة لاندلاع الحرائق.ودعا لشراء طائرات إطفاء لأن سلسلة الجبال الغربية الوعرة في اللاذقية لايمكن التعامل معها عبر العنصر البشري وهو ما شهدناه أخيراً، كذلك تجب الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في حالات الحرائق، سواء في الإنذارات المبكرة، أو استخدام الدرون للدلالة على مواقع غير مرصودة، إضافة إلى كاميرات المراقبة للكشف مباشرة منذ اللحظات الأولى.
مبادرات خلاقة
لا يغيب عن الذهن، في أيام الحرائق العصيبة والحزينة، تلك الصورة الجميلة التي شهدناها في منطقة حرائق اللاذقية، فلا نستطيع أن ننسى كيف وقف أبناء البلد خلف عناصر الدفاع المدني ليلاً نهاراً لإطفاء الحرائق وتقليل الخسائر.
كانت مبادرات طرطوس متنوعة ومختلفة كمبادرة فريق “طرطوس مدينتي” الذي عمل على تقديم الطعام والشراب البارد والمستلزمات الصحية، على مدى عدة أيام، بينما بادرت مجموعة من السيدات لشراء بعض المستلزمات للإطفاء.فقد أشارت السيدة “إيمان . ع” إلى أنهن مجموعة من النساء قررن مساعدة فرق الإطفاء الموجودة في اللاذقية، وبادرن لشراء الخراطيم والكمامات، وعند وصولهن تفاجأن بحجم الأضرار، فكان أن عدن واشترين عبوات مياه ومعلبات وملابس وعدة أسطوانات أوكسجين.
تحديات واستجابة
صحيفة الثورة التقت أيضاً مدير مديرية الطوارئ وإدارة الكوارث بمحافظة طرطوس عبد المنعم صطيف، للوقوف على الخطط الجديدة لدى إدارته، فقال: إن المديرية تعتمد بشكل كبير على الخط الساخن لكافة مناطق طرطوس، وهو مباشر مع المخافر الحراجية والحراس الحراجيين المنتشرين في كافة مناطق طرطوس بشكل أكبر من الدفاع المدني، وهذا الخط هو الأهم لسرعة الاستجابة، إضافة إلى الاتصالات بالمجتمع المحلي، حيث تتم الاستجابة من مراكز إطفاء الحراج وآليات الدفاع المدني الموجودة بعدد من هذه المناطق، إضافة إلى المؤازرة الموجودة في مراكز الإطفاء المختلفة كإطفاء مصفاة بانياس وسادكوب والنقل.
ولفت صطيف إلى أن وحدات الإطفاء ضعيفة ونحاول ترميمها، وبالتالي فالاعتماد هو على فوج الإطفاء الموجود بأقرب نقطة كحالة إسعافية، وإن احتاج لدعم يُرسل له مباشرة.
تضاريس صعبة

فتح مراكز جديدة
حماية المواطنين
وتحدث صطيف لصحيفة الثورة عن قساوة تجربة حرائق اللاذقية، وكيف ساند الدفاع المدني في طرطوس بإطفائها، مبيناً أن عناصر الإطفاء قدموا بطولات كبيرة في محافظة اللاذقية تعجز الكلمات عن وصفها، ولا سيما في مدة العمل والساعات المتواصلة دون راحة، والأهم لديهم كان حماية المواطنين، وعدم خسارة أي مواطن.
وعن الروحية الوطنية والأخلاقية ذكر لنا كيف أن أحد العناصر تعرض لقوة دخان كثيف، نتيجة تغير مجرى الرياح أدت لإصابته بعوارض الاختناق وتمت معالجته بالأكسجة، ولكن مباشرة وفور استيقاظه تذكر رفاقه الموجودين في منطقة الحريق، وطلب العودة إلى الموقع لمساندتهم، وبعدها تعرض للكسر في الرجل حتى توقف عن العمل.
تكاتف المجتمع المحلي
كان لدى العناصر مبدأ أخلاقي كبير وهو ” لا أريد أن أستريح كي أخفف عن زميلي الذي مازال يعمل ” فكانوا يتنافسون لإراحة بعضهم البعض، في ظروف صعبة، خاصة أن مناطق الحرائق تعتبر مناطق مهجورة وخالية من الخدمات.
والأمر الذي ساعدنا فعلياً ومعنوياً هو تكاتف الناس معنا ومساعدتنا، فأصبح المكان مدعوماً من كافة الخدمات ومن كافة المحافظات، لاسيما أبناء طرطوس الذين قدموا دعماً لوجستياً كبيراً، والمساندة الحقيقية كانت بوقوف المجتمع المحلي معنا، كمبادرة فريق نساء طرطوس.
وفي حريق وادي جهنم في القدموس قدم المجتمع الأهلي الدعم، وكان وجودهم يشجع فريق العمل، ويرفع معنوياته للاستمرار بالعمل، كما ساعد بتقليص منطقة الحريق.