ثورة أون لاين- دينا الحمد:
العمى السياسي، الذي يصيب الرئيس الأميركي العنصري دونالد ترامب، دخل حالة غير مسبوقة من الغطرسة والتسلط ومحاولة فرض الرؤية الأميركية على العالم بالتهديد والوعيد والحصار والعقوبات.
وهذه المرة ليس على الدول التي يناصبها ترامب وإدارته العداء ويحاصرها في شرق العالم وغربه ويجوع شعوبها كما هو الحال مع الشعب السوري وحصاره بما يسمى قانون قيصر المزعوم بذرائع وحجج واهية، بل على المنظمات الدولية، التي كانت حتى كتابة هذه السطور، الحارس الأمين على تنفيذ الأجندات والرغبات الأميركية، كما هو الحال في معركته الجديدة التي فتحها ساكن المكتب البيضاوي مع المحكمة الجنائية الدولية منذ يومين.
وفي التفاصيل أجاز دونالد ترامب فرض عقوبات اقتصادية على أي مسؤول بالمحكمة الجنائية الدولية يحقق بشأن عسكريين أميركيين أو يوجه إليهم اتهامات دون موافقة الولايات المتحدة، وذلك في هجوم جديد لإدارته على المنظمات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي لا تتوافق مع سياسات إدارته الاستعمارية.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: إذا كان ترامب يهدد قضاة المحكمة بالويل والثبور لأنهم أرادوا التحقيق بجرائم أميركا في أفغانستان فماذا ستكون ردة فعله إن قامت المحكمة بفتح ملف جرائم حربه ضد الشعب السوري الموثقة بالصوت والصورة والوثيقة والفيديو؟!.
لقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية على موقعها الإلكتروني أن ترامب شن هجوماً على المحكمة الجنائية الدولية من خلال تفويضه بفرض عقوبات اقتصادية وقيود على السفر ضد موظفي المحكمة الذين وصفهم بأنهم متورطون بشكل مباشر في التحقيق مع القوات الأميركية ومسؤولي السي آي إيه عن جرائم الحرب في أفغانستان دون موافقة بلاده.
إنها المفارقة العجيبة التي لا تمتهنها إلا الولايات المتحدة، فالتحقيق بجرائم الحرب والجرائم بحق الإنسانية في أفغانستان أو أي بقعة من العالم تقوم بها القوات الأميركية هو بالعرف الترامبي والأميركي (تورط) مقصود ويجب معاقبته، أما الجرائم المزعومة المفترضة في بلدان أخرى والتي تتهم واشنطن خصومها بها فإن على الجنائية الدولية التحرك فوراً، وإن لم تفعل فالتهديد والوعيد لقضاتها في الحال.
إذاً الغاية هنا هي طمس جرائم أميركا بحق الشعوب، وكلنا يعرف تفاصيل الجرائم التي ارتكبتها قواتها الغازية لأفغانستان، وكيف كانت الطائرات من دون طيار تقصف القرويين الآمنين، وهي جرائم مستمرة حتى الآن، وكيف كانت ومازالت تقتل أطفالهم ونساءهم، وكيف تزعم واشنطن أن موتهم كان عن طريق الخطأ غير المقصود، وأن جنودها وطائراتها الحربية، وتلك التي من دون طيار، كانت تطارد الإرهابيين وتقصف طالبان، وأنها قتلت المواطنين الأفغان الأبرياء بالخطأ المزعوم.
اليوم يرد ترامب على قرار استئنافي للمحكمة الجنائية صدر في آذار الماضي بالسماح بفتح تحقيق في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أفغانستان، ويتوعد المحكمة ويهددها، وغداً سيفعل الأمر ذاته إن قامت (الجنائية الدولية) أو أي جهة دولية ثانية بفتح تحقيق عن جرائم أميركا بحق السوريين وحرق قمحهم وسرقة نفطهم وحصارهم تحت مزاعم ما يسمى (قانون قيصر) المزعوم، فهذا الرئيس العنصري لا يمتنهن إلا القرصنة والبلطجة حتى على المنظمات الدولية التي كانت على الدوام ذراع أميركا في الواجهة الدولية، لكنها معرضة للعقاب إن خرجت عن بيت الطاعة الأميركي قيد أنملة