هكذا أراني مأخوذة بمدارات الأدب، هذه الفنون اللامرئية إلا في مرايا مبدعيها ومتذوقيها…
فالشعر والرواية والقصة تنظم مشاعري وتريح خاطري وتطمئن روحي…
ألا ترون معي أن الأدباء والشعراء والمفكرين على مرّ العصور هم الأكثر صفاء وارتقاء ودعة وحبّاً في أي مجتمع من المجتمعات…
أليس الأدب بفنونه هو الأرقى والأكثر اتصالا بالذات الإنسانية وتبدّل حالاتها وأحوال الناس..!!؟
فيما مضى كان الشعر موهبة دائمة وطبعاً وسجية أحياناً، يجسّد أحوال الناس بكلام شفيف يثير التخيّل والخيال فيكسو الروح جسدها ويبثّ الجسد روحه بتناسق وتوافق، وما تلك الأجساد والأرواح إلا ألفاظ المبدع ومعانيه…
نبكي اليوم أطلال ذاك الزمان وشعره وفصحاءه وصوره وأفكاره التي عكست تحولات العالم وجماله وجسدت مظاهر ما أودعته الحضارة في المجتمعات..
تطور المجتمعات والتمازج الثقافي اقتضى تطورا في الأدب وأشكاله وأفرز حالات تطوير وتجديد ما انعكس إيجاباً على كتابات المفكرين والمبدعين الذين أغنوا المكتبة والفكر العربي.
تاريخ أي حقبة زمنية جسدها مفكروها وأدباؤها، وترجموا الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كتاباتهم، فالجاحظ والتوحيدي وابن المقفع بفن النثر دعوا إلى الإصلاح في زمانهم وناقشوا أمور حيوات الناس في تلك الحقبة الزمنية..
نبكي اليوم أطلال ذاك الزمان ومبدعيه ومفكريه فأين نحن من كتب “البيان والتبيين “و “رسالة الصحابة ” و”كليلة ودمنة “و “الأدب الكبير والأدب الصغير ” وكل المناظرات الثقافية والمجالس الأدبية التي تعبّر عن أحوال المجتمعات وتذلّل الصعوبات وتحثّ على الفضيلة وتنهى عن الرذيلة في كافة مناحي الحياة…
مجمل القول..الأدب ثمرة يانعة من ثمرات الثقافة الفكرية العربية، ونحن في ظلّ حضارتنا ووفرة أسباب النهوض وتيّسر أبعاد العمق الفكري والتنوع المعرفي يجب ألّا تذهب جهودنا أدراج الرياح، فلا بدّ من تعرية الواقع وكشف النقاب والحديث دون حجاب عن كل ما يعتري الأمة من ظروف محيطة وتدوينها بأي شكل من أشكال الفن والأدب والفكر وما أكثرها ونتوقف عن البكاء على الأطلال…
رؤية-هناء الدويري