أكثر ما يشغل العالم هذه الأيام، أخبار الحروب والصراعات في العالم ككل، ويشغلهم أيضاً الكثير من التناقضات التي يتعرضون لها على صفحات وسائل التواصل والتطبيقات الرقمية المختلفة، في وقت تحول هذا العالم ليس إلى قرية صغيرة، كما يقال وحسب، بل إلى منزل من غرفة واحدة ولا نبالغ.
طوفان رقمي رهيب يجرف عواطفنا ومشاعرنا، ويجعلنا نعيش مجموعة من التناقضات في لحظة واحدة، فرح وحزن، سعادة واكتئاب، تفاؤل وتشاؤم، رغبة في الموت وفي العيش أطول عمر ممكن.
طوفان رقمي يؤثر على حياتنا وحريتنا، يأسرناً حيناً ويحررنا حيناً آخر، يستكشف بيئتنا ومبادئنا وقوانين حياتنا عبر أجهزة تبدو جزءاً من أجسادنا، نستخدمها يومياً، ونولي اهتماماً بها يفوق اهتمامنا بالأكل والشراب واللباس، اهتمام بالغ للتغيرات النوعية في تفاصيل أيامنا، بعد أن باتت دليلنا إلى هذا العالم.
بتنا اليوم، وقد يكون شعور السواد الأعظم، نشتاق لأيام الهاتف الأرضي، أو حتى النقال البسيط الذي يفتقر لكل تلك التقنيات، بعد أن فرض الهاتف الذكي سطوته على التفاصيل الصغيرة والكبيرة في منازلنا وحياتنا وعلاقاتنا، وتعدى حقبة تميزت بالخصوصية والقيم المحافظة.
بتنا نشتاق للبساطة، لأن هذا الطوفان لم يبق ولم يذر، بعد أن بات أفراد الأسرة يفتحون أعينهم على شاشة ذلك الجهاز، قبل غسل وجوههم وتناول فطورهم، وباتت أحاديثهم مختصرة، وكأن المنزل الذي يجمعهم للنوم والإقامة فقط.
