ثورة أون لاين – محمود ديبو:
قصة الأسعار التي لا تنتهي وصلت خلال الأيام الماضية إلى مرحلة أثرت فيها على الأوضاع المعيشية للمواطنين بشكل لم يسبق لها مثيل في كل المراحل التي شهدت ارتفاعات سابقة.
ومن الواضح أن هناك مشكلة فيما يتعلق بجانب التحكم بالأسعار في الأسواق المحلية، وعدم وجود تأثير فاعل للدوائر الحكومية المكلفة بمهام مراقبتها وضبتها ومتابعة مجريات السوق.
وتشير استطلاعات الرأي التي شهدتها الأيام القليلة الماضية والتي سبرت حركة الأسواق والأسعار وآراء المستهلكين أن هناك قناعة شبه مؤكدة أن رفع الأسعار والتلاعب بها يتم من قبل بعض الحلقات التجارية التي تسبق باعة المفرق.
ففي أسواق الهال حيث ترد البضائع والسلع الزراعية المنتجة محلياً تتعدد الحلقات المؤثرة بعمليات البيع والشراء، حيث نجد أن هناك تاجرا يلعب دور الوسيط بين الشاري والبائع ويحصل على عمولة تصل إلى 7%، وهذا التاجر الوسيط لا يبيع ولا يشتري أي أنه لا يحرك رأسماله في هذه العملية فقط هو يحصل على أجر الوساطة، كذلك نجد أن هناك تاجرا مالكا للبضاعة يحصل عليها من المزارع مباشرة، كما تجد التاجر الذي يشتري كميات كبيرة بغرض التخزين وليس البيع المباشر، وبالنهاية هناك الشقيعة والحلقات الطفيلية التي تدخل بين تاجر الجملة وتاجر نصف الجملة والمفرق.
وفي سوق الهال بدمشق نجد أن هناك 350 محلاً و130 خيمة مؤجرة من قبل المحافظة والمخصصة لذوي الشهداء والجرحى، و14 محلاً تملكه المؤسسة السورية للتجارة، ويدير السوق لجنة مؤقتة تتألف من ممثلين عن التجارة الداخلية والمحافظة والزراعة والاقتصاد واتحاد الفلاحين والشؤون الاجتماعية وتجار السوق.
وما ينطبق على سوق الهال بدمشق ينطبق على باقي الأسواق، حيث يتميز أداؤها بالفوضى وعدم وجود آليات واضحة للتسعير وضبط عمليات البيع والشراء، وعدم توفر بيانات حقيقية وأرقام عن حجم أعمال الأسواق لجهة الكميات الداخلة والخارجة من السوق وأنواع المنتجات ومصادرها، ما يتيح فرصة أكبر للتجار والشقيعة والوسطاء من التلاعب بالأسعار وفرض ما يريدونه على السوق، إلى جانب غياب كامل للتداول بالفواتير الحقيقية لكافة الحلقات التجارية، وهذا الأمر يتسبب بفوات منفعة كبيرة تخسره خزينة الدولة نتيجة عدم تحصيل الضرائب المالية عن تلك التداولات الكبيرة التي تتم داخل السوق.
هذا الواقع يعطي لقوى سوق الهال فرصة ثمينة لفرض الأسعار التي يريدونها والتحكم بمدى توريدها للأسواق المحلية وضبط إيقاع العرض والطلب بما يخدم مصالحهم.
من هنا تبدو الحاجة ملحة لإعادة النظر بواقع أسواق الهال وتنظيم عملها من خلال إدارتها بشكل يضبط إيقاعها ويمنع حالة التحكم من طرف التجار والسماسرة والوسطاء وهذا ما يتم العمل عليه حالياً من خلال وضع رؤية وتصور كامل لما يجب أن يكون عليه الأمر وتطبيق آليات جديدة ستغير كثيراً في مخرجات عمل أسواق الهال وتأثيرها على الأسواق المحلية والأسعار.