ثورة أون لاين – لميس عودة:
الفجور الأميركي الوقح والتطاول الصارخ على قوانين الشرعية الدولية الذي قامت به الإدارة الأميركية الحالية بقيادة دونالد ترامب، بدا واضحاً منذ أعلن الرئيس الأميركي عن اعتراف بلاده بالقدس المحتلة عاصمة مزعومة لكيان الاحتلال، وأطلق أيدي الإرهابيين الصهاينة، وأفسح لهم المجال واسعاً ليمارسوا طقوس عربدة انتهاكاتهم وتعدياتهم على الحقوق الفلسطينية ويوغلوا في الاستيطان وسلب أراضي وممتلكات الفلسطينيين، وصولاً إلى تحريض وتشجيع رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو للإعلان عن ضم أجزاء من الضفة الغربية المتوقعة يوم غد.
وكل ذلك ما كان ليتم التمهيد له لولا تواطؤ وخيانة بعض الأنظمة الأعرابية التي مدت له وللمتزعمين الصهاينة خشبة التطبيع المهين ضاربين عرض الحائط بالحقوق والثوابت القومية التي باعوها في صفقات قذرة وقدموا صكوك بيعتهم وتبعيتهم للعدو الصهيوني حفاظاً على عروش مهترئة.
في كل ما جرى ويجري من تعديات ومساع أميركية وصهيونية محمومة لتصفية القضية الفلسطينية وشطب حقوق الفلسطينيين لا تنحصر المسألة فقط في صفاقة ترامب وخطوته وقراراته الاستفزازية ودعمه اللا محدود لكيان الإرهاب الصهيوني، ولا بممارسات الكيان المحتل وخروقاته للقوانين الدولية ولهاثه المحموم لقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية لتوسيع رقعة المستوطنات غير الشرعية، بل تتعداه إلى الكشف عن تواطؤ غير مسبوق وانغماس كامل للأعراب المتصهينين بالقرارات الجريمة وتآمرهم ليس على فلسطين فحسب بل على محورها المقاوم الذي يشد من أزر مقاوميها ويقف كالطود الشامخ في وجه المؤامرات والمشاريع الصهيو أميركية ويتشبث بالثوابت، ولا يقايض على حقوق ولا يساوم على مبادئ، لذلك كان استهداف هذا المحور ولم يزل من قبل قوى الشر وأذنابهم من الأنظمة المتصهينة.
مجاهرة أعراب البترودولار بالتطبيع وتقديم الولاء للكيان المحتل الغاصب الذي يمعن في عدوانيته تحمل معها كل مشاعر الاشمئزاز للامتهان المفضوح الذي يعتري هذه الأنظمة المتصهينة التي تتسول رضا مجرمي الحرب الصهاينة متنصلة من عروبتها وقضيتها المركزية، فإلى أي منحدر انحطاط وصل أولئك الغارقون في وحل عمالتهم، وهل كان عليهم إشعال حرائق إرهابية بالمنطقة بأسرها وجعل الدماء تسيل، لينصبوا فوق قداسة تضحيات الشهداء الفلسطينيين خشبة التطبيع المذل، أم هل كان يحتاج انبطاحهم عند أقدام الأميركي والإسرائيلي وتآمرهم المعلن جهاراً على القضية الفلسطينية إلى كل هذه الحروب المفتعلة في منطقتنا ليكشفوا عورات تطبيعهم على الملأ.
كل هذه الجلبة المهينة وكل الكرامات التي سُفحت لتوقيع صكوك التبعية والتطبيع، جعلت من الانبطاح والانقياد الأعمى طابعاً رسمياً لأنظمة التطبيع والمجاهرة بالخيانة سمة ملازمة لأولئك الذين ادخلوا الشيطان الأميركي وبعده الأفعوان الصهيوني إلى عقر دارهم ويخططون معه لإقامة قواعد لإرهابه ويصفقون لجرائمه وتعدياته، ظناً منهم أنهم سيأمنون مكره ويتحصنون بقبح خنوعهم من سمومه.
لن يستطيع نتنياهو وكل مجرمي الحرب مهما ارتكبوا من انتهاكات وفظائع أن يمحوا بجرة قلم تاريخاً ويباعدوا جغرافيا ولو توهموا أنهم بمشرط التقطيع لأوصال الجغرافيا الفلسطينية سيفصلون المنطقة على مقاس أطماعهم متغافلين أنهم يشعلون ناراً ستحرق كل غاصب محتل.
فلسطين عربية وستبقى مهما أوغل سكين الضم التوسعي الصهيوني عميقاً في أوصالها لتقطيع ترابطها الجغرافي، وهي لا تبحث عن صكوك اعتراف أو براهين إثبات من ترامب ونتنياهو وزمرة المطبعين والمنبطحين من أنظمة الخيانة الأعرابية، ولن يسقط عروبتها قرارات تمدد استيطاني صهيوني في أراضيها، وهي كما كل أرض عربية محتلة، وحق مسلوب، سيسترد لأنه حق مشروع كفلته كل المواثيق والقوانين الدولية.