ثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
تبدو حكومة الكيان الصهيوني برئاسة الإرهابي بنيامين نتنياهو في سباق مع الزمن، لإنجاز وإتمام ما تستطيعه من الصفقة المشؤومة التي وعدت بها من قبل الإدارة الأميركية المتصهينة بخصوص تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة، ولاسيما أن الإدارة الأميركية في أضعف وأدق الظروف التي يمكن أن تمر بها، باعتبار أن الانتخابات الرئاسية على الأبواب في حين أن حظوظ الرئيس الحالي دونالد ترامب لكسب ولاية ثانية باتت صعبة جداً بسبب أزمة الكورونا التي فشل في إدارتها، والجريمة العنصرية التي ارتكبت في أيار الماضي وجرت ضده احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة نتيجة ردود فعله المستفزة وفشله في تهدئة الشارع الأميركي الغاضب.
يعتقد نتنياهو المنفصل عن الواقع أن الظروف باتت مهيأة لإتمام الصفقة المشؤومة بالقياس لما تم إنجازه في السنوات الماضية، ولاسيما أن إدارة ترامب قد أنجزت ما يشكل أساساً قوياً للصفقة حسب قناعاته؛ الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة موحدة للكيان المحتل، نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وذلك في تحد سافر لكل الأعراف والقوانين الدولية ذات الصلة، وكذلك الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل وحشد عرب التطبيع والاستسلام والتسويات والتنازلات المجانية في مؤتمر المنامة العام الماضي لإعلان التأييد الكامل للصفقة ودفع أثمانها، من خلال إقناع الفلسطينيين بها والقيام (بتعويضهم) عما قد يسلب من أرضهم ومن حقوقهم وإجبارهم على التخلي عن حلمهم بإقامة دولتهم المستقلة.
وانسجاماً مع قناعاته البائسة التي زينت له ارتكاب المزيد من الخطوات التصعيدية أعلن الشهر الماضي أنه بصدد ضم مستوطنات الضفة الغربية التي تعادل مساحتها نحو ثلاثين بالمئة من مساحة الضفة إلى جانب غور الأردن بداية من شهر تموز الجاري وهو بذلك يمهد لطرد الفلسطينيين في هاتين المنطقتين إلى الأراضي التي تم التخطيط لإجبارهم على النزوح إليها أي في سيناء المصرية ومناطق أخرى في الأردن لقاء تلقيهم تعويضات مالية مناسبة وإرضاء الدولتين اللتين قبلتا أن تحل القضية على حسابهما وذلك من جيوب الدول الخليجية المطبعة.
غير أن الذي لم يحسب نتنياهو حسابه بالشكل الصحيح أو سقط من حساباته بسبب الدعم الأميركي والوجود العسكري الأميركي في المنطقة هو موقف الطرف الثاني الذي لا يمكن للصفقة أن تتم ما لم يوافق عليها أي الشعب الفلسطيني الذي رفض بكليته سواء في الداخل أم الخارج هذه الصفقة المشؤومة وتمسك بأرضه وأظهر رغبة عارمة بمقاومة الصفقة وإفشالها مهما كلف الأمر، وهو الأمر الذي نغص على نتنياهو وحكومته وكيانه فرحتهم بما تم تقديمه، فالشعب الفلسطيني الرافض للصفقة يقف خلفه ويدعمه محور قوي مناهض للاحتلال والهيمنة والعدوان والغطرسة، يشد من أزر الفلسطينيين ويعطيهم الأمل بإمكانية تحقيق النصر رغم كل المصاعب والتحديات وتحقيق حلمهم بإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة، محور متماسك يمتد من طهران إلى بيروت مروراً بدمشق، محور أظهر خلال تسع سنوات من الحرب الإرهابية على سورية قدرات هائلة في الصمود والمقاومة ومواجهة كل أشكال الإرهاب والعدوان العسكري والضغوط السياسية والاقتصادية، وهذا ما يفسر الهستيريا الصهيونية من النجاحات التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه في الحرب ضد الجماعات الإرهابية وكلاء المشروع الصهيوني والتي تترجم أوامر مشغليها بشن اعتداءات غادرة لا تقدم ولا تؤخر ولا تفت في عضد المحور المقاوم الذي قرر المواجهة حتى النهاية مهما كلف الأمر.
قد يكون من المبكر الحديث عن فشل صفقة القرن من عدمه ولا سيما أن محاولات الكيان مستمرة في هذا الاتجاه بالاعتماد على الدعم الأميركي وما يستجد في الانتخابات الرئاسية الأميركية حيث يعول نتنياهو على فوز ترامب لاستكمال ما وعده به، ولكن حتى لو فاز ترامب بولاية ثانية فلن يستطيع خدمة نتنياهو أكثر مما خدمه حتى اليوم، فحتى العقوبات الاقتصادية شديدة الوطأة المفروضة على سورية وحلفائها لن تؤثر في موقفها ولا في موقف حلفائها ولا في خيارات المواجهة التي ينتهجها محورها المقاوم، بحيث لم يعد أمام نتنياهو سوى خيار الحرب الشاملة لاستكمال حلم إقامة دويلته العنصرية، ولكنه يعلم جيداً أن خيار الحرب سيكون مكلفاً جداً هذه المرة بحيث لن يستطيع كيانه تحمل النتائج والتبعات، وما عليه سوى سحب تقرير فينوغراد الذي أرخ لهزيمة “إسرائيل” في حرب تموز عام 2006 من الأدراج وقراءته جيداً واستخلاص العبر المناسبة