ثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
عندما نزل المتظاهرون إلى شوارع أميركا للغضب ضد “وحشية الشرطة”، الملايين منهم لم يعلموا أنهم مراقبون بالرادار وشبكة تتبع المواقع.
من المحتمل أن تكون تقنية رسم الخرائط وتتبع المواقع ” GPS” هي أكثر الاختراعات البرمجية ثورية، حيث تتيح هذه التكنولوجيا والمعروفة أيضاً باسم” السياج الجغرافي” تتبع ملايين الأشخاص بدقة عالية في كل لحظة من حياتهم، ومع اندلاع المظاهرات في جميع أنحاء الولايات المتحدة مع احتجاجات Black Lives Matter / Antifa”” بعد وفاة جورج فلويد، أعطيت تقنية التتبع فرصة ذهبية لبعض التجارب الأولية، وقد اعتقد البعض أن تتبع المتظاهرين كان لغرض معرفة من يقوم بأعمال إجرامية مثل النهب والاعتداء الجسدي والتخريب، لكن تم استخدام التكنولوجيا لتسجيل هؤلاء الأفراد الذين احتجوا على وفاة جورج فلويد ومعرفة أسماؤهم من خلال أرقام هواتفهم المحمولة في كل المدن الأميركية ودول أخرى.
وقد تم استخدام هذه التقنيات الذكية في ذروة جائحة COVID بتتبع الناس الذين خرجوا من المنزل واجتمعوا على الشواطئ لقضاء عطلة الربيع السنوية ومعرفة كل من خالف قانون الحجر الصحي، ربما كان الأمر مفيداً جداً لو تم تطبيق نفس التكنولوجيا لمعرفة مطالب الناس بشكل أفضل، ولكنهم لم يستخدموا هذه التقنية بشكل إيجابي.
وعلى سبيل المثال، المجموعات السياسية تعمل على متابعة الانتخابات الأميركية ومعرفة الناس الذين يذهبون للتصويت ونسبة الناخبين ومراقبتهم في أي مركز ينتخبون، وهل هم من البشرة السوداء أم البيضاء. وبدأت حملة في وقت سابق من هذا العام لتجنيد الناخبين الديمقراطيين عبر تطبيقات الهواتف المحمولة وتحديد المواقع، ولم يكن التجنيد من أجل حل مشكلة العنصرية بل كانت فقط من أجل الانتخابات، وقد يميل المراقبون الأكثر تشاؤماً إلى الاعتقاد بأن الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد قد تم دفعها ليس لغرض الاحتجاج على “وحشية الشرطة” أو “التفوق الأبيض”، بل من أجل جمع أصوات لمصلحة طرف على حساب طرف آخر ولو بطريقة القتل لتأجيج مشاعر الناخبين، حيث أفادت “وول ستريت جورنال” في مقالة ركّزت على حصاد الناخبين الديمقراطيين خلال الاحتجاجات: “الوصول إلى هؤلاء الأفراد أمر بالغ الأهمية بشكل خاص، نظراً لأن حملات تسجيل الناخبين الشخصية قد توقفت بسبب الفيروس التاجي”، “بالإضافة إلى ذلك، مع بقاء الأميركيين في منازلهم خلال الأشهر القليلة الماضية لمنع انتشار الفيروس فإن المنظمات ليس لديها سوى القليل من البيانات حول تحركات الناس” على الرغم من التقارير التي تفيد بأن بايدن يتفوق على ترامب حسب استطلاعات الرأي، ومع استمرار أزمة كوفيد وبقاء المرشح الديمقراطي في المنزل، وإعطائه بعض المقابلات التلفزيونية المتعثرة بين الحين والآخر ( بتوجيه من ترامب طبعاً) تمكن ترامب من جذب الآلاف من الحاضرين إلى أول مسيرة واسعة النطاق له منذ شهور على الرغم من التهديد المزعوم للفيروس التاجي الذي طال أمده في الهواء.
إذاً ما الطريقة الأفضل لتنشيط القاعدة الجماهيرية وإقناع الناخبين اللا مبالين في الانتخابات الذين يتظاهرون في الشوارع ضد “عنصرية النظام “، ومن سوف يكسب أصواتهم في الانتخابات؟
إن الذي يحصل في أميركا يشبه إلى حد ما ثعباناً يأكل ذيله من الجوع.. ” استعارة ” تلخص السياسة الأميركية، يدعون الناس لانتخابهمط ومن ثم يقتلونهم.
بقلم: جسر روبرت
المصدر
Strategic Culture