الملحق الثقافي:هنادة الحصري:
مما لا شك فيه أن الحرب على سورية، تركت أثرها على الفرد على كافة الصعد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فتحول الواقع إلى أشد قتامة وبتنا نشعر بعطالة ذهنية تقف حائلاً أمام كل المواجهات..
ولما كان الكائن يجمع في كينونة العالم المادي والعالم الروحي، فانه وبحرصه على التوازن بين هذين العالمين لابد سيصل إلى درجة من إدراك الذات ووعيها، تجعله يحلق في عالم إنساني كوني وينعتق من ماديته ليحظى براحة وسعادة. ولكن أين هذا الإنسان الذي يملك ضوابطه الكاملة تثنيه عن رغبات تشده بجاذبية سالبة إلى تحقيق رغباته والانقياد الأعمى لها.
يبدو أن الوعي في أعلى درجاته، يقود إلى التفتح على عالم الأنسنة، ولكن هذا الانحدار الذي وصلت الإنسانية إليه والتي تعابه على عالم الحيوان جعلها تتصرف بعنف أقسى وتندفع باتجاه شهواتها.
إن أنانية الإنسان تجعله ينزع إلى تحقيق كل غاياته معتقداً أنها تمنح وجوده قيمة أعلى، ولكن بهذه الأنانية يكون قد دق المسمار الأول في أبجدية العنف. فالنزوع إلى تحقيق كل الغايات لابد وسيكون على حساب الآخر، وهنا تبرز منظومة العنف في بدايتها نتيجة التوزع اللاعادل مبتعدين عن مفهوم المعرفة قوة لأنه لو توصل للمعرفة الحقة لما أحس بالحاجة للوصول إلى حد الإشباع.
السؤال الذي يبرز الآن: لماذا العنف والمال لممارسة قوة تغطي الضعف الثقافي والبشري؟
وهذا ما يذكرني بقول أحدهم «إذا أردت أن تمتحن الاّخرين فعليك إعطاؤهم السلطة والمال».
نتيجة لكل هذا وغيره ينمو العنف في المجتمع لأن الفردية تتراكم في الأنا ويجرها باتجاه المصالح الشخصية والتي تؤدي نتيجة لهذا إلى الاحتكاك الاجتماعي اللاناجح إلى النزاعات والخلافات، وهي بدورها تؤدي إلى توليد العنف المبطن وبعدها إلى صراع الإنسان مع الإنسان. إن الإحساس بالآخر واحترام حاجاته يجعل الإنسان الواعي والمدرك لقيمة الشراكة في الوجود يمتلك إنسانيته فيشعر بانسجامه مع ذاته ومع الاّخر. فكلنا لاحظ عندما تعرضت اليابان لتسونامي، كيف كان احترام الياباني للآخر، إذ يأخذ الخبز الذي اعتاده كل يوم دون أن يخزن كما فعل الكثير منا. فلم تنشأ أزمة وسارت الأمور بهدوء جعلهم يجدون الحلول لأزمتهم. أما نحن فخلقنا أزمة وانعكست علينا لأن الفرد يتأثر بالجو العام المتأزم.
هو الإنسان يجب أن يتناغم مع قوانين وجوده. ويبتعد عن العنف. وهذا لن يكون إلا بأنسنة الحياة وتفعيل الثقافة الراقية.
التاريخ: الثلاثاء14-7-2020
رقم العدد :1005