ثورة أون لاين – أحمد حمادة:
بعد (الفيتو) الروسي الصيني على مخططات أميركا ومنظومة العدوان على سورية ومشاريع قراراتها أمام مجلس الأمن الدولي حول المساعدات الإنسانية، والرفض المطلق لتلك المخططات المشبوهة، فإن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هو: لماذا استماتت واشنطن وأدواتها لتمرير رؤيتها حول المساعدات المذكورة؟
وبمعنى أدق ما الذي سعت إليه المنظومة العدوانية من وراء تمرير قرار المساعدات بالصيغة التي تقدمت بها إلى مجلس الأمن، الذي يفترض به أن يحقق معادلة الأمن والسلم الدوليين لا أن يكون أداة طيعة بيد قوة متغطرسة أو دولة مهيمنة؟!.
الإجابة على هذا السؤال الهام والمحوري لا يحتاج إلى كثير عناء لفك شيفرتها وتحليل رموزها، فالمكتوب يعرف من عنوانه كما يقال، ومنظومة العدوان بقيادة أميركا لا توفر منظمة دولية أو اجتماعاً دولياً إلا وتحاول استثماره لحصار سورية، دولة وشعباً وحكومة، أو لفرض شروطها عليها، وما شهدناه مؤخراً في أروقة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من تضليل ومحاولة إدانة سورية بدون أدلة، وقبل ذلك فرض ما يسمى (قانون قيصر) لتجويع السوريين ومحاربتهم بلقمة عيشهم يؤكد ذلك.
وإذا حاولنا قراءة السطور الأولى التي قامت عليها مشاريع قرارات منظومة العدوان حول (المساعدات الإنسانية) لأدركنا منذ اللحظة الأولى الغايات الحقيقية التي تريد تلك المنظومة الاستعمارية تنفيذها تحت شماعة مساعدة السوريين والغيرة على إنسانيتهم وحقوقهم، وتباكيها عليهم، فهي تحاول تمرير وإجازة نقل مواد تحت مسمى (المساعدات الإنسانية) عبر نقاط الحدود دون موافقة الحكومة السورية المعنية الأولى بإدارة العملية الإنسانية والتنمية في البلاد، وهنا تكمن الخطورة التي تؤشر لغايات في نفس المنظومة الشريرة إياها.
فهي حاولت استغلال الآلية الأممية لإيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود بما يتناقض مع مبدأ احترام سيادة سورية ووحدة أراضيها، كي تقوم هي وأدواتها الإرهابية والإقليمية كالنظام التركي بتمرير السلاح والمساعدات للتنظيمات الإرهابية تحت شعارات إيصالها للمدنيين، دون مراقبة من أحد ودون موافقة الحكومة السورية أو رقابتها.
كما أن منظومة العدوان أرادت تحقيق أهداف التنظيمات الإرهابية التي ترعاها وتمولها وتدعمها بالسلاح، أي استخدام المساعدات الإنسانية أداة للضغط على السكان المدنيين لإجبارهم على تأييدها، وهناك مئات الأدلة والوثائق المباشرة وغير المباشرة التي تؤكد ذلك، مثلما استخدمت تلك التنظيمات المتطرفة المدنيين كدروع بشرية أثناء المعارك في ميادين القتال.
وتؤكد روسيا التي استخدمت الفيتو بوجه أصحاب هذه المخططات الشريرة أنه إضافة إلى ذلك يستغل بعض اللاعبين الخارجيين آلية نقل المساعدات عبر الحدود بمثابة أداة لتثبيت الخطوط الفاصلة في سورية ما يهدد بانفصال عدد من مناطق البلاد، كما تفعل أميركا وأداتها الانفصالية (قسد) في الجزيرة وغيرها من المجموعات الإرهابية كالنصرة وأشباهها في إدلب.
وهناك هدف آخر لمنظومة العدوان وهو محاولة تعطيل عمل الحكومة السورية في تنظيم ورعاية العملية الإنسانية والتنمية البشرية في البلاد، وتمكينها المنظمات الدولية من تحقيق الأهداف الإنسانية، ودور الحكومة السورية الوطني في هذا المضمار.
إذاً تحت شعارات الإنسانية المزيفة، والمتاجرة بحقوق الإنسان، حاولت أميركا وأدواتها وبقية أطراف منظومتها العدوانية تمرير قرار حول المساعدات الإنسانية للسوريين وهي تبغي أهدافاً أخرى لا علاقة لها بالإنسانية، وعنوانها دعم الإرهابيين والمرتزقة، تماماً كما فعلت الأمر عشرات المرات مع أكثر من بلد إفريقي وآسيوي، حين أقامت الدنيا ولم تقعدها لتمرير المساعدات الإنسانية للشعوب المنكوبة وإذ بها لدفن نفاياتها النووية أو لسرقة الثروات ودعم تنظيم القاعدة الإرهابي، ومثال الصومال خير شاهد.