ما بين مؤكد ومشكك وناف تبقى احتمالات الحرب قائمة، تخبو حيناً وترتفع وتيرتها أحياناً أخرى، فكل التطورات تشير إلى أن الحرب واقعة بين لحظة وأخرى، فيما تؤكد الوقائع والحقائق والظروف الراهنة استحالة حدوثها في ظل الانعكاسات الناجمة عنها والخسائر المتفاوتة التي سيمنى بها جميع الأطراف، وما بين الحالين يبقى احتمال التشكيك يحتل موقعاً متقدماً يحظى بالكثير من عوامل الدعم والتأييد والترجيح، فما المؤشرات والتوقعات المحتملة؟
من المحيط القريب وصولاً إلى الطرف الآخر من الكرة الأرضية تشتعل المواجهات بأشكال مختلفة تنذر بدمار البشرية كلها فهذا دونالد ترامب الرئيس الأميركي الهائج دوماً يتوعد الأصدقاء والحلفاء قبل الخصوم والأعداء، فتراه يتهدد حلفاءه ابتزازاً ليفتح الباب أمام استنفار القوى العسكرية لبلاده كاملة ويضعها في حالة الجاهزية القتالية بحيث تبدو نقطة الصفر لبداية حرب ما مجرد إعلان قريب.
تتعدد الصور وتتوسع التهديدات الأميركية لتستهدف إيران بشكل أساسي فتقع الكثير من المواجهات ويأتي الرد الإيراني دوماً حاملاً كل معاني الاستعداد غير عابىء بأكذوبة الدولة الأقوى في العالم، ولنا في إسقاط أكبر وأهم وأغلى طائرة استطلاع، وفي القصف المركز على مراكز تجمع القوات الأميركية وحدها في قاعدة عين الأسد في العراق إثر العملية الجبانة التي استهدفت الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس الدليل القاطع على حجم الاستعداد على الرد من الجانب الإيراني في حال قامت الولايات المتحدة الأميركية بأي عدوان أو عمل عسكري.
وفي جانب آخر نرى أن أردوغان كسلطان عثماني متجدد لم يكتف بدعم الإرهاب في سورية بل ذهب بإرهابييه إلى ليبيا في حرب جديدة، وهو يخطط لحرب جديدة في أذربيجان فاتحاً الباب أمام احتمالات حرب جديدة قوامها التحريض الديني والعرقي والفئوي القائم على نبش التاريخ وعداواته، فيما تتركز الأبعاد الحقيقية في الثروة والطاقة والسيطرة على المقدرات والخيرات في تلك البلدان.
وفوق هذا وذاك يبقى الكيان الصهيوني العقدة المستمرة في خلق التوترات التي تنذر بحروب يريدها كيان العدوان أن تقوم بالنيابة عنه، فهو يريد أن يجني انتصارات تقوم على دماء جميع شعوب العالم وأولهم الشعب الأميركي ذاته، فالكيان الصهيوني يتخوف من القدرات الإيرانية المتنامية ويخشى امتلاكها لعوامل القوة غير القابلة للهزائم ولذلك يستعدي عليها كل من الولايات المتحدة الأميركية والغرب الأوروبي إضافة إلى الرجعية العربية، لكنه لا يقوى ولا يجرؤ على البدء بحرب ضد طهران، فما المانع وما العوامل التي تحول دون وقوع حرب كهذه، إن حصلت ستمتد إلى مناطق أوسع ؟
ببساطة تأتي الإجابة متعلقة بالتكلفة وحجم الخسائر ، فترامب وهو يحتاج حرباً خارجية تعيده إلى كرسي الرئاسة في انتخابات تشرين الثاني القادم لا يجرؤ عليها، والكيان الصهيوني ونتنياهو تحديداً الذي يرى الحرب مخرجاً للأزمة السياسية في الكيان القابع على رماد ما زال الجمر تحته مشتعلاً يدرك أن أي حرب في المنطقة معها ستكون نهاية هذا الكيان بالتأكيد، لذلك يبقى التلويح بالحرب والقيام بعمليات عدوانية محدودة سياسة قائمة لحفظ حالة العدوان وانتظار ظروف جديدة لن تكون في صالح كيان العدوان أبداً ولا في صالح قوى البغي والعدوان الأميركية وغيرها، فالحق في جانب المقاومة ومحورها الذي تزداد قوته ولن تتراجع بانتظار المعركة التي ستأتي يوماً ما وإن طال قليلاً.
معاً على الطريق – مصطفى المقداد