الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
كنت أشاهد مسلسلاً مصرياً تدور أحداثه في بداية القرن العشرين في مدينة الإسكندرية. وحين تم الإعلان عن وفاة سيد درويش، شعرت بقشعريرة شديدة وانتفض جسدي وفاض قلبي حزناً. سقطت دموعي، وكأن سيد درويش قد توفى في هذه اللحظة.
بعد يومين، بثت وسائل التواصل صوراً عن انفجار ضخم في بيروت، فشعرت أنني غير قادر على التنفس، وسقطت دموعي. لقد فقدتُ القدرة على التعبير بالكلمات أمام هول المشهد الكارثي وتدمير البشر والحجر.
هذان الحدثان كانا ثقيلين على قلبي ومشتتين لتفكيري، رغم بُعد المسافة الزمنية والمكانية بين الحدثين، ورغم أنني لست أنتمي – مكانياً – لأي من المدينتين العظيمتين: بيروت والإسكندرية، لكنني أنتمي إلى شقيقتهما دمشق.
أنا لا أعرف الإسكندرية، ولم أزرها أبداً، ولكنني أعرف بيروت جيداً. بيروت سعيد عقل ويوسف الخال وأنسي الحاج والياس أبو شبكة وطلال حيدر وجوزيف حرب وخليل حاوي والرحابنة وفيروز. بيروت التي حين زرتها لأول مرة ونمتُ على شاطئها، أدركتُ أنها إحدى مدن الخيال، إحدى اليوتوبيات التي لم تكرر في العالم.
من بيروت غنت فيروز لسيد درويش «الحلوة دي»، ومن بيروت غنت فيروز «شط اسكندرية»، ومن بيروت كتب سعيد عقل إحدى أجمل قصائده «سائليني يا شآم»، في تأكيد على عشقه لدمشق.
بيروت، تلك المدينة التي أنجبت هؤلاء الكبار كلهم، هي بيت للحب والجمال، رغم كل هذا الوجع الآني الذي زلزل مشاعرنا، وأغرقنا في حزن كبير، أضيف إلى أحزاننا التي تفوق طاقتنا على تحملها.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء11-8-2020
رقم العدد :1008