ثورة اون لاين- عائدة عم علي:
مازالت تداعيات الفشل الذريع في تعامل دول الغرب الأوروبي مع جائحة كورونا والكشف عن الضعف في منظوماتها الصحية على عكس ما كانت تدعي، تلقي بظلالها على الكثير من مجالات الحياة وأبرزها الاقتصاد الذي تلقى على ما يبدو في بريطانيا ضربة موجعة هزت البلاد وجعلتها تترنح على حافة الركود العام المعلن ، فحالة من التخبط والارتباك باتت تشهدها بريطانيا في محاولاتها للخروج من عنق زجاجة الركود الخطير الذي يعصف باقتصادها وينذر بعواقب سيئة تؤثر على البلاد.
فبريطانيا الغارقة في مشكلات ما بعد “بريكست”، واللاهثة وراء السياسات الأميركية الرامية لتثبيت هيمنتها ونفوذها على العالم، باتت تعتبر من أسوأ الدول التي فشلت بإدارة أزمة كورونا التي أرخت بظلالها الثقيلة على الاقتصاد البريطاني، رغم ما يمتلكه هذا البلد من مقومات يفترض أن تكون كافية لمواجهة تداعيات جائحة الفيروس التاجي، حيث شهدت المملكة المتحدة التي ضربتها جائحة كوفيد-19 في الربع الثاني من العام الجاري انكماشا “قياسيا” في اقتصادها بلغ 20,4 في المئة، وأصبحت تواجه رسميا أسوأ ركود على الإطلاق.
مكتب الإحصاء الوطني الذي نشر هذه الأرقام ذكر اليوم الأربعاء أن هذا هو أول ركود تقني تشهده بريطانيا منذ العام 2009 والأزمة المالية. ويدخل أي بلد في حالة ركود بعد تسجيل انكماش في إجمالي الناتج الداخلي لفصلين متتاليين.
وأوضح المكتب ان الجزء الأكبر من هذا الانكماش الذي بدأت آثاره تظهر في آذار، سجل في نيسان عندما أغلقت البلاد بشكل شبه كامل ما أدى إلى تراجع الإنتاج بنسبة 20 في المئة.
ومع عودة النشاط الاقتصادي، ارتفع إجمالي الناتج المحلي في أيار بنسبة 2,4 في المئة، تلاه تسارع في حزيران (+8,7 في المئة) بفضل إعادة فتح كل القطاعات، وفق المكتب.
وهذا الإنكماش هو الأكبر في اقتصاد المملكة المتحدة منذ أن بدأ مكتب الإحصاء الوطني تسجيل هذه الأرقام الفصلية في العام 1955، وجاء نتيجة “القيود” على السفر وعلى النشاط الاقتصادي التي فرضت في البلاد في 23 آذار ، وكانت مدتها أطول من معظم البلدان المتقدمة.
وزير المال ريشي سوناك قال معلقا على تلك الأرقام “قلت من قبل إن أوقاتا عصيبة تنتظرنا، وأرقام اليوم تؤكد ذلك. فقد مئات الآلاف من الأشخاص وظائفهم، وللأسف، في الأشهر المقبلة، سيفقد المزيد من الناس أعمالهم”.
وسجلت المملكة المتحدة أسوأ أداء اقتصادي في الربع الثاني في أوروبا، متقدمة على إسبانيا (-18,5 في المئة) وأسوأ بكثير من فرنسا (-13,8 في المئة).
وقال مكتب الاحصاء الوطني إن الاقتصاد البريطاني سجل خلال ربعين من الركود، انكماشا نسبته 22,1 في المئة، “أقل بقليل من 22,7 في المئة التي سجّلت في إسبانيا لكن أكثر من ضعف الانخفاض في إجمالي الناتج المحلي الذي بلغ 10,6 في المئة في الولايات المتحدة” خلال الفترة نفسها.
وتوقع خبراء أن تتفاقم الأزمة الاقتصادية في بريطانيا السنة المقبلة لتكون الأسوأ منذ ستة عقود على ضوء تراجع مؤشرات النمو. وفي الوقت ذاته تزايدت علامات الركود الاقتصادي وترجيح موجة بطالة طاحنة تشمل مئات الآلاف، بحسب ما ورد في تقارير الصحافة البريطانية.
ولاحظ محللون في معهد البحوث “بانثيون ماكرو” أن “أداء المملكة المتحدة كان أسوأ من أداء نظيراتها بدرجة غير عادية”.
ويمكن أن يعزى هذا الأداء الضعيف للدولة التي سجّلت أيضا أكبر عدد من الوفيات في أوروبا بسبب فيروس كورونا المستجد، إلى اعتمادها الشديد على الخدمات، خصوصا إنفاق المستهلكين الذي انخفض خلال فترة الإغلاق” و”مستوى نشاط الآباء الذين اضطر الكثير منهم إلى ترك العمل لرعاية أطفالهم” كما أضاف المحللون.