ثورة أون لاين- ترجمة ليندا سكوتي:
واجهت الولايات المتحدة هزيمة في الأمم المتحدة، إذ لم يحظ مقترحها بتمديد حظر توريد الأسلحة إلى إيران دعما سوى من جمهورية الدومينكان، وذلك إبان عملية التصويت التي جرت في مجلس الأمن.
وكان من غير المرجح أن يحوز مشروع القرار الأميركي على الموافقة في ضوء المعارضة الروسية والصينية، ولاسيما أن هذا المقترح عبارة عن أحبولة أعدتها إدارة ترامب تمهيدا لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد إيران. وتنم تلك الهزيمة النكراء عن عزلة تتلقاها الولايات المتحدة في المسرح الدولي قبيل المواجهة الدبلوماسية الكبرى التي تنذر باستنزاف مجلس الأمن وإنهاك أكبر لسلطته.
حذفت الولايات المتحدة خطابها المعادي لإيران في مشاريع القرارات الأولى أملا بحشد المزيد من المناصرين لها، لكن إلحاحها على تمديد حظر تفرضه الأمم المتحدة إلى أجل غير مسمى كان بالأمر المستحيل. إذ عارضت إستونيا وتونس الضغوط الأميركية الهادفة لدعم المسودة المنقحة، الأمر الذي يشير إلى تراجع النفوذ الأميركي في الأمم المتحدة. علاوة على ذلك، رفعت كل من روسيا والصين الفيتو ضد هذا القرار، ولم يصوت له سوى الولايات المتحدة وجمهورية الدومنيكان، أما بقية أعضاء مجلس الأمن فامتنعوا عن التصويت. وانتقد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تلك الدول قائلا في بيان أصدره: “يعد إخفاق مجلس الأمن في التصرف على نحو حاسم دفاعا عن السلم والأمن الدوليين أمراً لا يغتفر”.
وفي هذا السياق، رأى مسؤولون أميركيون أن الهزيمة في إصدار قرار تمديد حظر الأسلحة ستتبع بشروعهم في اتخاذ إجراءات مثيرة للجدل من الناحية القانونية خلال الأيام المقبلة في مسعى لإعادة فرض العقوبات الأممية التي رُفعت عندما أبرمت إيران الاتفاق النووي مع القوى الكبرى في عام 2015. ولاسيما أن “اتفاقية العمل الشاملة المشتركة” تنص على آلية تسمح لأي طرف من الأطراف الموقعة على الاتفاقية “باستعادة” عقوبات الأمم المتحدة على إيران.
على الرغم من سحب ترامب للولايات المتحدة من الاتفاقية النووية في عام 2018 يرى دبلوماسيون ومحامون أميركيون أن بلادهم لا تزال طرفا في الاتفاق من الناحية الفنية وبالتالي فهي مخولة بإعادة فرض العقوبات، علما أنه لم توافق بقية دول العالم، بما فيهم أقرب حلفاء واشنطن، على ذلك الإجراء بيد أن إدارة ترامب أظهرت استعدادها للمضي بمفردها.
قال مدير مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية في الأمم المتحدة ريتشارد جوان: “من الواضح أن هدف الولايات المتحدة من هكذا قرار مآله الإخفاق، لإيجاد ذريعة لإعادة العقوبات في الأسبوع المقبل، لكن الأمر المخزي هو الفشل الذريع الذي منيت به واشنطن”.
وفي هذا المضمار قدم المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران بريان هوك استقالته قبل بضعة أيام من قرار حظر الأسلحة في الأمم المتحدة.
صرح جوان” بصراحة، سندخل عما قريب فيما يسمى “مجلس الأمن في بلاد العجائب” إذ ستدعي الولايات المتحدة أن قطار استعادة العقوبات يسير بينما ترفض الدول الأخرى القبول بذلك، لذا سنشهد كثيرا من الصراعات الإجرائية في المجلس”.
وقد تجد المملكة المتحدة نفسها محاصرة بين واقعين، ومرغمة على الاختيار بينهما، علما أن لندن تمسكت بالنهج الأوروبي المتفق عليه مع فرنسا وألمانيا. واستطرد جوان: “يبدو أن المملكة المتحدة قد أعطت الأولية لعلاقتها الأمنية مع باريس وبرلين على رغبتها في عقد صفقة تجارية مع الولايات المتحدة بعد بريكست”.
وقد اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد قمة عبر الاتصال المرئي بشأن إيران، كما أشار قصر الإليزيه في باريس إلى أن ماكرون منفتح على هذا الاقتراح. وصرح دونالد ترامب أنه سمع بهذا الاقتراح بيد أنه لا يعرف تفاصيله. وقد تهاتف ترامب وماكرون في يوم الجمعة، لكن بحسب رواية البيت الأبيض فإن المكالمة لم تشر إلى قمة مقترحة.
وذكرت الزميلة البارزة في معهد كارنيجي للسلام سوزان ديماجيو أن الولايات المتحدة لم تركز على بناء التحالفات بشأن هذه المسألة وإنما انصب اهتمامها على إثارة مواجهة دبلوماسية في الأمم المتحدة لإرضاء أنصار ترامب الأساسيين. واستطردت القول بأن الهدف النهائي للولايات المتحدة يتمثل بمحاولة استفزاز إيران لقيامها بالرد، وربما التخلي عن الاتفاقية النووية ذاتها، أو حتى طرد المفتشين النوويين الأمميين.
وأضافت ديماجيو: “إنه نهج الأرض المحروقة إذ يهدف إلغاء الاتفاق إلى عرقلة قيام إدارة بايدن والإيرانيين بالعودة إليه، ولاسيما أن إدارة ترامب غير معنية بالإبقاء على البرنامج النووي الإيراني بل جل ما تسعى إليه هو نسف هذا الاتفاق”.