الثورة- منهل إبراهيم:
تقف إسرائيل في لحظة قوة عسكرية كبيرة يراها الخبراء العسكريون قصيرة الأمد، وهي آخذة بالضعف على المدى الطويل، وسط تراجع كبير في دعم الرأي العام الغربي لها، وتململ حتى أقرب الحلفاء منها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية.
وفي هذا الصدد أكدت صحيفة نيويورك تايمز أن إسرائيل، قد ذهبت بعيداً في عمليتها العسكرية في غزة، إلى حد بات يشكل خطراً أخلاقياً واستراتيجياً على وجودها، وقالت: “إن المعاناة التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون تخطت حدود الضرورة العسكرية، وأن المجاعة التي تلوح في الأفق ليست نتيجة حتمية، بل خطأ سياسي وأخلاقي جسيم”.
ونشرت نيويورك تايمز بيانات تظهر أن حجم المساعدات الإنسانية التي دخلت غزة تجاوز 200 ألف طن شهرياً قبل أن توقف إسرائيل دخولها في آذار، ثم تراجع إلى مستويات شبه معدومة.. وحتى بعد رفع الحظر في أيار 2025، ترى “نيويورك تايمز” أن الكميات لم تعد إلى الحد الأدنى المقبول، وتشير إلى أن الطريقة التي تُوزع بها المساعدات اليوم تزيد من معاناة المدنيين، خصوصاً كبار السن، والمرضى، والأطفال الذين يضطرون لعبور مناطق عسكرية خطرة، وأن إسرائيل، في ظل سيطرة جيشها على القطاع، باتت الجهة الوحيدة القادرة على تنظيم توزيع المساعدات، لكنها اختارت استبعاد الأمم المتحدة دون إيجاد بديل فاعل، تاركة السكان في حالة عجز تام عن تلبية أبسط احتياجاتهم الغذائية.
وتؤكد الصحيفة الأميركية أن إسرائيل لا تستطيع تحمل خسارة الدعم الغربي، فهي رغم امتلاكها سلاحاً نووياً، لا تتمتع بالاستقلال الاستراتيجي الذي تحوزه دول مثل الولايات المتحدة أو بريطانيا، وترى أن التحول في السياسة الأميركية قد يصبح خطيراً، خصوصاً إذا بات دعم إسرائيل مشروطاً بهوية الحزب الحاكم في البيت الأبيض.
ويقول ديفيد فرينش كاتب المقال في “نيويورك تايمز”: “أوقفوا المجاعة في غزة، لا تتحدثوا عن ضم الأراضي، واحموا المدنيين”، مشيراً إلى أن “هزيمة حماس لا تتطلب تجويع طفل واحد”.
وفي هذا السياق حذر الضابط الإسرائيلي السابق ورئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان بجامعة “تل أبيب” ميخائيل ميلشتاين، من أن إسرائيل تقف على أعتاب “تسونامي” سياسي دولي غير مسبوق قد يبلغ ذروته الشهر المقبل، بسبب استمرار إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة، بدون رسم إستراتيجية واضحة تجاه القضية الفلسطينية.
وقال ميلشتاين في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية: إن “الموجة القادمة، والأشد قوة على الإطلاق من الهجوم الدولي على إسرائيل، متوقعة في أيلول القادم عند انعقاد الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وقد تقود إلى عزلة خانقة وإجراءات عقابية تمس جميع الإسرائيليين”.
وفي وقت سابق أظهر استطلاع رأي لشبكة “سي إن إن” الأميركية أن نسبة الدعم الأميركي للحرب الإسرائيلية على غزة تشهد تراجعاً مستمراً، خصوصاً بين صفوف الديمقراطيين.
وكشف الاستطلاع عن وجود تزايد واضح في عدد الأميركيين الذين يشعرون بالتشكيك تجاه الأفعال الإسرائيلية، مع توجه متزايد نحو تقليص دعم الولايات المتحدة العسكري لها.