الثورة – وفاء فرج:
أغرقت السوق المحلية بالكثير من البضائع الرديئة نتيجة انفتاح الأسواق المحلية على مصراعيها أمام كل أنواع البضائع المستوردة، إضافة إلى انتشار البضائع المهربة، الأمر الذي يتطلب تنظيف هذه الأسواق من تلك البضائع.
فهل إعادة تفعيل العمل بإجازات الاستيراد والتشدد في مراقبة المنافذ الحدودية لمنع دخول أنواع رديئة من المستوردات، يمكن أن يكون حلاً أم ثمة آراء أخرى تخالف هذا الحل؟.
يرى نائب رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها السابق لؤي نحلاوي أن تفعيل العمل بإجازة الاستيراد لايساهم في طرد البضاعة الرديئة من السوق، مبيناً أنه في السابق خلال فترة من الفترات لم يكن هناك إجازة استيراد، والبضائع كانت تدخل إلى الأسواق، وأنه اليوم بوجود إجازة الاستيراد أصبح وجودها لضبط الاستيراد والحد منه، كذلك فتح الموافقات لأمر معين.
وبين أنه ضد العمل بإجازة الاستيراد مجدداً لكون معظم دول الجوار لا يوجد لديها إجازة استيراد وبالمقابل إنه مع وضع مواصفات ومقاييس واضحة تفرض على البضائع المستوردة، وأن يتم طلب شهادات جودة لها بحيث تكون مطابقة للمواصفات السورية بالحد الأدنى إذا ما طلبنا مواصفات أوروبية أو مواصفات عالمية.
وأكد نحلاوي أن العمل بإجازة الاستيراد لا يحد من رداءة البضاعة على العكس تماماً ليس له علاقة وأن العمل بها كضوابط فقط للحد من الاستيراد والتخفيف منه، وبالتالي يمكن فرض شهادات جودة من شركات معتمدة بحيث تكون مطابقة للمواصفات، معتبراً أنها أهم نقطة.
لافتاً إلى وجود مشكلة أهم من المواصفات والجودة وهي مشكلة التهريب وهو لايزال مفتوحاً على مصراعيه، كما إنه أمر جداً مؤلم، ويجب أخذه بعين الاعتبار، والأهم من كل ذلك أن البضاعة الجيدة هي التي تطرد البضاعة السيئة في حال كانت مواصفاتها وجودتها عالية.
إعفاءات المواد الأولية
مؤكداً على ضرورة العمل لتفعيل إعفاءات المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج للصناعة، مبيناً أن ذلك يقوي الصناعة السورية ويعيد تفعيلها بشكل كبير تصديرياً، موضحاً أن وضع الصادرات السورية اليوم يتراجع، وخاصة المعامل النسيجية التي تتعرض للتوقف، وما يهمنا اليوم عودة تفعيل هذه المعامل وتنشيطها وأن تعود للتصدير، وتشغيل أكبر عدد من العمال، وبالتالي لابد من إعادة النظر بالإعفاءات الجمركية لمستلزمات الإنتاج والمواد الأولية، وفي حال لم تكن لكل المستوردين أن تكون بالحد الأدنى للصناعيين.
ويرى نحلاوي، أن أفضل آلية لطرد البضاعة الرديئة من السوق، حيث يوجد عدة مصادر للبضائع المستوردة ويوجد بالصين بضائع ممتازة، تضاهي الأوروبي، مبيناً أن البضائع ذات المنشأ العربي يجب أن يكون معها شهادات جودة يمكن أن تساهم لحد ما برفع نوعية البضاعة، وهناك مشكلة هي الأردن ومصر وهاتان الدولتان لا تستوردان من سوريا، بالمقابل نحن نستورد منهما كل شيء.
معتبراً أن ذلك إغراق كبير للسوق ويسبب ضرراً بالمنتجات الوطنية بشكل كبير جداً كون لدينا إمكانية للتصدير لهم، ولكن هم لا يستوردون من سوريا وبالتالي هم يغرقون السوق السورية، ولا نستطيع الدخول إلى أسواقهم، وعليه لابد من إيجاد حل جذري مع تلك الدول.
بدوره نائب رئيس غرفة تجارة دمشق السابق محمد الحلاق، يرى أن إجازة الاستيراد كانت من ضمن الورقيات التي تم إلغاؤها في كل دول العالم، ولم يبقَ سوى قلة قليلة تطالب بتقديم إجازة استيراد أو الحصول على موافقة استيراد.
التنافسية
مبيناً أن اقتصاد السوق الحر يقوم على التنافسية واستيراد ما شئت، وأن كل منتج له خصوصيته من ناحية الرسوم الجمركية، وبالتالي في حال كان ينافس صناعة محلية يتم وضع رسوم جمركية مرتفعة، وفي حال لم ينافس بضاعة أجنبية لا نضع رسوماً مرتفعة، حسب تأمين احتياجات السوق والأفراد، خاصة أن هدفنا النهائي هم الأفراد المستهلك النهائي.
وأشار إلى أن اجازات الاستيراد، بسبب البيروقراطية في الأعمال تم وضعها ضمن الورقيات، وهو غير مطلوب وفي ظل اقتصاد السوق الحر بكل دول العالم ما يريده التاجر يستطيع استيراده.
ونوه إلى أن النقطة الأهم هي موضوع التوازنات في الأسواق، وأن تكون البضائع الموجودة في الأسواق جيدة وبمواصفات مقبولة ضمن حدود مختلفة وحسب أهميتها كمادة غذائية، مثلاً نضع مواصفات مرتفعة، أما عندما نتحدث عن مادة ليست أولوية أو تؤثر على حياة الإنسان فالأمر مختلف.
وأكد الحلاق على ضرورة وضع مواصفات وهي بالأساس موجودة في سوريا للمنتجات التي تؤثر على صحة الإنسان، ويتم استيرادها بموجب هذه المواصفات، فالبضاعة الرديئة تتعلق بالمواصفات وعليه يجب أن يتم تنظيف الأسواق من تلك البضائع الرديئة، عبر ضبط الحدود وموضوع الجمرك، بحيث لا يدخل أي بضاعة سيئة وذات جودة متدنية أو مؤثرات جانبية على صحة الإنسان.
مؤكداً أن هذه البنود هي التي تضبط وجود البضائع في الأسواق، كما أنه للجمارك عملان: الأول هو تسهيل دخول البضائع الأصولية عند المنافذ الحدودية، وبنفس الوقت ضبط معابر وقنوات التهريب.
لايوجد سوق نظيف
وبحسب الحلاق، لا يوجد سوق نظيف حتى في أميركا لا يوجد هذا السوق النظيف، والمقصود به النظيف من البضائع الرديئة، مبيناً أن هناك مواصفات ومعايير لكل منتج يتم استيراده، والأمر الآخر المهم هو أن يكون هناك بطاقة بيان حقيقية توضح بلد المنشأ من دون غش فيها، وأن يكون غير قابل للإزالة، ولا يجوز الكتابة عليها في مكان ما اليابان وفي الخلف يكتب مصنوعة في الصين مثلاً، وإن ذلك يسمى غشاً وتدليساً، ومن المهم أن يكون مذكوراً في بطاقة بيان البضاعة.
معتبراً أن في هذه المرحلة يأتي عمل الجمارك، ومن ثم يأتي بعدها دورالإدارة العامة للتجارة الداخلية في الحفاظ على الأسواق من وجود بضائع، بعض منها بعد دخولها تمّ التلاعب في بطاقة البيان الخاصة بها كتاريخ الصلاحية أحياناً، خاصة المواد الغذائية، وبالتالي هنا يكمن دور الجهات الرقابية الداخلية.
ويرى الحلاق أن الموضوع يتعلق بتكامل مجتمعي بدءاً من دخل المستهلك الجيد والمواد المتوافرة على الرفوف، وكل بضاعة توجد عليها بطاقة بيان بشكل جيد، والرف الذي عليه البضاعة يعرض السعر بشكل واضح، وعندما يكون هناك تداول فواتير بشكل واضح ومعروف “بلد منشأ” هذه البضاعة من دون أن يكون هناك عوائق للعمل ووجود بيروقراطية كبيرة في العمل. وأوضح أن جميع هذه الحلقات متكاملة، بحيث تعزز مكانة هذا المنتج الجيد، وهذا الأمر يقود إلى القضاء على ما يسمى بظاهرة البسطات التي تعرض بشكل عشوائي، وضرورة رفع ثقافة المستهلك بعدم الشراء من البسطات بمواد تؤثر على صحة الإنسان، مؤكداً على أهمية التمييز بين المنتجات التي يتم عرضها.
وربط الحلاق الأمر بوجود دخل جيد للمستهلك يستطيع من خلاله اختيار المواد الجيدة، وبرفع ثقافة الشراء عند المستهلكين للمواد الجيدة حتى لو كان سعرها مرتفعاً أفضل من المواد غير الجيدة وسعرها منخفض ويمكن أن تتلف بسرعة كبيرة.