الثورة أون لاين – أيمن الحرفي:
الطفل عالم من المشاعر والأحاسيس وهو كتلة من التفاعلات… حين يطل على الدنيا وترى عيناه نورها يطرح على نفسه سؤالاً محيراً، هو كيف تكون لي شخصية أثبت من خلالها وجودي؟ في هذا العالم الذي يدثرني ببرد العطف والحنان.
يأتي سؤاله هذا من خلال الصرخات الأولى التي يطلقها طالباً الطعام و باحثاً عن صدر أمه متحمساً بدفء حنانها ومنصتاً لنبضات حبها.. يعانق الحياة سعيداً حين تعانقه أمه ويتأثر بانفعالاتها حين تتوتر أو تحزن يختزن كل هذا في ذاكرته ليظهر فيما بعد سلوكاً يرافقه كل أو جل حياته بعد أن يولد حيث يصبح سيداً مطاعاً يتربع على عرش القلوب و متوجاً بالحب.
و الطفل له حاجاته الأساسية و الجسدية كالغذاء و الكساء والنوم و الوقاية من المرض وحاجات نفسية كالعطف و الحنان و الرعاية فهو أكثر ما يكون بحاجة إلى التربية و التعليم و التأهيل. و البيئة والناس عاملان مهمان في صوغ الطفل و تشكل شخصيته فهما يحددان علاقاته مع أقرانه و مع المحيط به من كبار وصغار واقارب وجيران. و الطفل شئنا أم أبينا هو وليد أطراف مختلفة و متنوعة كالبيت و المدرسة و الحي و كل ذلك يمكن أن يكون في الريف أو المدينة في حي قديم أو حديث.. غني أو فقير في أسرة فقيرة أو ثرية.. في كل تلك الأمور يكون فيها الطفل مسيراً لا مخيراً.. في هذه الظروف الخارجة عن إرادة الطفل يأتي دور الأهل للتعامل مع هذه الظروف كل حسب استطاعته لإشباع حاجاته النفسية لينمو نمواً طبيعياً و الطبيعة البشرية تقتضي نقل خبرات الآباء إلى الأبناء ومزجها مع خبرات الحاضر.
يقول سمير وهو موظف متقاعد عن تجربته في تربية أبنائه: كنت أنقل خبراتي لابني وكان يتلقفها ويستفيد لكنني كنت ضعيفاً بالحاسوب فتعلمت مبادىء هذا الجهاز حتى أجاري ابني في التفكير و التحليل للأمور و هكذا امتزجت خبراتي و تجاربي مع التطور الحضاري الذي نعيشه.
هذا و قد توصل العلماء إلى أن الإنسان يستطيع أن يتعلم من علوم المعرفة ما لا حصر له، فنحن نتعلم في كل لحظة أو فترة معارف و علوماً جديدة يتساءل الآباء ومنهم أبو محمد: كيف نربي أولادنا؟ ما هي الطريقة المثلى و الأسلوب الأنجع للوصول بطفلنا إلى سوية عالية من القوام و التربية؟. أكثر ما يخشى علماء النفس و تربية الطفل أن يندرج الآباء تحت هذين النموذجين إما حزم و قسوة نابعة من الخوف الشديد على الطفل، أو تساهل مغلف بالدلال المفرط و اللامبالاة. لهذا يلزم التوازن في المعاملة بين الحزم و اللطف المغلف بالحب و الاحترام و التعاون.
و عن خلاصة تجارب و أبحاث و دراسات علماء النفس و التربية في هذا المجال يتبين بمبادلة هذا الطفل الحب بالمفهوم الحقيقي عندها يحس الابن أن والده يرعاه بالنظرة الواثقة المعبرة و الحنان و الرعاية في تصرف الابن تجاه العالم المحيط به باعتدال و تقدير و إيجابية للأمور و المواقف التي يمكن أن يتعرض لها. هذا التعزيز العاطفي المتبادل بين الأبوين و طفلهما يمثل جدار الحماية الأول و الأساسي للطفل عندما يلجأ إلى العائلة لأنها الملاذ الآمن و لا يلجأ للشارع هرباً من الجو العائلي المضطرب فالأطفال مرآتنا.. و هم عيوننا و قلوبنا و لا يخفى الدور العظيم للأم..
أخيراً يمكن القول إن خطوات بسيطة للوصول لتربية صحيحة و سليمة و ناجحة تتمثل في إدارة حقيقية للتربية قوامها الحب و الاحترام و التفاهم.