النباتات البحرية … ثروة وطنية خارج الاهتمام والاستثمار

الثورة أون لاين ــ سنان سوادي:  

تحتوي البيئة البحرية السورية على العديد من الثروات الطبيعية القادرة على دعم الاقتصاد الوطني فيما لو تم استخدامها واستثمارها بطرق فعالة ومدروسة، وتشكل النباتات البحرية أحد القطاعات الغذائية والطبية والاقتصادية الغنية بمحتواها ، والهامة لرفد عملية التنمية الاقتصادية المستدامة ، خاصة أن العالم اليوم يعاني من ركود اقتصادي، واستنزاف للموارد الطبيعية، وزيادة نسبة البطالة.
المعهد العالي للبحوث البحرية

يقول الباحث في المعهد العالي للبحوث البحرية الدكتور أحمد قره علي: تعد الطحالب أكثر النباتات البحرية التي يتم استثمارها عالمياَ وذلك بسبب تعدد مجالات استخدامها في التغذية والطب والصناعة والزراعة والصيدلة ، وتكمن أهميتها بغناها بالعناصر المعدنية و الفيتامينات والألجينات والمانيتول ، و احتوائها على عدد كبير من المركبات الفعالة حيوياً ، وقد أخذت الكثير من الدراسات العالمية تبحث عن إمكانية الحصول على مواد مضادة من كائنات بحرية حيوانية أو نباتية، حيث ركزت على الطحالب الكبيرة لاحتوائها على العوامل المضادة للجراثيم ، وقد ثبت أنها تنتج مواد استقلابية ثانوية تتمتع بفعاليات مضادة للجراثيم والفيروسات و الأورام والتخثر.
وأضاف د .قره علي: قمنا في المعهد العالي للبحوث البحرية بالتعاون مع كلية العلوم في جامعة تشرين بدراسة مستخلص الطحالب و تأثيرها على الجراثيم ومدى قدرةَ المستخلصات الطحلبية المختلفة (من الطحالب الحمراء، والخضراء والسمراء) على تثبيط النمو الجرثومي، وكانت نتائج جيدة وواعدة ، لذلك يجب التوسع بالدراسة الكيميائية للأنواع الهامة طبياً ، و الاهتمام باستزراع بعض أنواع الطحالب الاقتصادية والهامة صيدلانياً، بهدف استثمارها واستخلاص مركباتها الفعالة لتكون بديلة للصادات الحيوية، في علاج بعض الإنتانات الجرثومية والفطريات الممرضة في المستقبل ، ودراسة المركبات المضادة للأكسدة والسامة للخلايا السرطانية نظراً لما تم كشفه من مركبات ذات أهمية كبيرة في هذا المجال.
وعن دور الطحالب في إنتاج الوقود الحيوي قال د .قره علي: بدأ العالم منذ عدة عقود البحث عن بدائل لمصدرها الرئيسي الحالي وهو النفط ، وقد أظهرت الأبحاث إمكانية استخدام الزيوت المستخلصة من النباتات الأرضية و الكحول المستخرج من قصب السكر، ولكن ذلك سيكون على حساب استخدام هذه المصادر كمواد غذائية، كما تبين أن إنتاجها من الوقود الحيوي لا يمكن أن يلبي حاجة وسائل النقل لوحدها حتى لو تم تحويل معظم الأراضي الصالحة للزراعة لهذا الغرض.
ولذا فإن الاتجاه الحالي عالمياً هو نحو الطحالب كمصدر مستدام للوقود الحيوي، ويبدو ذلك منطقياً وواعداً لعدة أسباب منها سرعة نمو الطحالب، وكفاءتها العالية في تحويل الطاقة الضوئية إلى طاقة كيميائية مقارنة بالنباتات الأرضية إضافة إلى احتواء بعض أنواعها على نسبة عالية من الزيوت تصل إلى 75% من الوزن الجاف، و يمكنها النمو على مدار السنة ولا تتطلب مساحات كبيرة لذلك ،ولا تؤثر سلباً على إنتاج الغذاء لأن المنشآت المخصصة لها يمكن أن تقام على أراض جرداء غير صالحة للزراعة ، بل إن الكثير من منتجاتها يمكن استخدامه كغذاء أو إضافات غذائية أو علفية بكفاءة عالية.
و هذا الاتجاه مفيد للبيئة باعتبار أن نمو الطحالب يستهلك كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون ، ولا تحتوي زيوتها على مركبات عطريه أو كبريتية ضارة بالبيئة ، ولا يتطلب نموها استخدام المبيدات فضلاً عن إمكانية استخدامها في تنقية المياه الملوثة.
وختم د. أحمد قره علي حديثه بالقول إن استثمار الطحالب يتطلب تحديد المجال الأنسب لذلك من المجالات المتعددة المتاحة سواء من حيث الإنتاجية أو المردود الاقتصادي ، وبالنسبة للطحالب المرشحة لإنتاج الوقود الحيوي فإن الخطوة الأولى تتمثل في البحث عن هذه الأنواع في مياهنا الطبيعية، ومن ثم عزلها وزراعة كل نوع مخبرياً بشكل منفرد بتوفير الشروط المناسبة من حيث الإضاءة ودرجات الحرارة وتركيب أوساط زرعية لتحديد عدد من معايير النجاح في اختيار الأنواع وأهمها : التأقلم للزراعة المنفردة، وسرعة النمو ، والإنتاجية ،و تحديد محتواها من الزيوت على اعتبار أن ذلك يرتبط بعدة عوامل تتعلق بالطرز الوراثية لأصناف النوع الواحد وبالشروط الفيزيائية الكيميائية المطبقة في عملية الزراعة.

الجمعية العلمية السورية للأعشاب الطبية

وبدوره أكد رئيس الجمعية العلمية السورية للأعشاب الطبية والطب التكميلي والتجانسي والتغذية الدكتور شادي خطيب أننا نمتلك ثروة كبيرة وفريدة من الطحالب البحرية التي تنتشر بكثرة وتتنوع بشدة على طول الشاطئ السوري، والتي لاتزال غير مدروسة بطريقة جيدة، حيث تحتوي الطحالب البحرية على أكثر من / 60 / من العناصر النادرة بتركيز أعلى بكثير من النباتات الأرضية، و تحتوي على البروتين واليود والبروم والفيتامينات والمواد ذات الطبيع
ة التحفيزية والمضادات الحيوية الطبيعية. ومن أنواعها (الطحالب البنية و الطحالب الحمراء والطحالب الخضراء) .
وأضاف د .خطيب: رجحت الدراسات أن الحموض الدهنية من الطحالب البنية توقف عملية هضم الدهون في القناة الهضمية، ويمكن استخدام الأعشاب البحرية البنية الغنية باليود للسيطرة على مرض قصور الغدة الدرقية، والطحالب الخضراء المزرقَّة تزيد حساسية الأنسولين، وتخفض نسب الدهون السيئة.
وعلى الرغم من أن الأعشاب البحرية تنمو في بيئة قاسية، إلا أنها نادراً ما تعاني من أي أضرار ديناميكية ضوئية خطيرة أثناء عملية التمثيل الغذائي. هذا يعني أن خلايا الأعشاب البحرية لديها بعض المركبات والآليات الوقائية، حيث تحتوي الطحالب على انزيمات واقية وجزيئات مضادات الأكسدة بفضل محتواها من مركبات الكلوروفيل والحموض الأمينية والدهنية غير المشبعة، لذلك تلعب دورا مضادا للأكسدة ومضادة للشيخوخة، ومصححة للجذور الحرة السامة، وتعزز النظام المناعي في الجسم، وتحمي من الإجهاد التأكسدي، حيث تلعب مركبات مضادات الأكسدة دورا مهما ضد الأمراض المختلفة (مثل الالتهاب المزمن، تصلب الشرايين والسرطان واضطرابات القلب والأوعية الدموية).
وأوضح د.خطيب أن الأعشاب البحرية مصدر حيوي مهم للسكريات البحرية والتي تدخل في صناعة معاجين الأسنان، والصابون، والشامبو ومستحضرات التجميل، وتعتبر مصدرا للعديد من المضادات الحيوية الطبيعية، ولها خصائص مضادة للسرطان ففي بحث ماجستير سوري للباحثة “ماري جزارة” بعنوان: “التأثير الحيوي لبعض المستخلصات الطحلبية على الخط الخلوي لسرطان الثدي”، توصّلت الباحثة إلى استخلاص عدد من المركبات الحيوية من أحد أنواع طحالب الشاطئ السوري وتحديد أثره الحيوي في الحدّ من تكاثر الخلايا السرطانية، وفي تحريض موت خلوي مبرمج في هذه الخلايا، لذلك نعمل على إجراء دراسات على الطحالب البحرية السورية من أجل تطوير منتجات دوائية جديدة بالتعاون مع الجهات البحثية المختصة وخاصة المعهد العالي للبحوث البحرية.
و نوه رئيس الجمعية العلمية السورية للأعشاب الطبية إلى أن المنتجات البحرية السورية مصدر مهم للكولاجين البحري والذي يستخدم في مستحضرات العناية بالبشرة والذي يتم استيراده حالياً، لذلك تعتبر هذه المنتجات ثروة لم يتم استثمارها، حيث أنه من المهم الاستفادة من نتائج الأبحاث العلمية على الأعشاب البحرية في دعم الاقتصاد الوطني من خلال استثمار هذه الثروة بتحضير مواد أولية للصناعة الدوائية وصناعة مستحضرات التجميل وتصديرها، مما يوفر فرص عمل وكذلك يساعد في توفير القطع الأجنبي.

آخر الأخبار
"الإسكان" تحدد استراتيجيتها الوطنية حتى 2030..  مدن متكاملة ومستدامة وآمنة ومجابهة للتغيرات المن... أمام اختبار التدفئة المركزية.. طلاب الثانوية المهنية الصناعية: سهل وواضح "التحول الرقمي".. ضرورة ملحّة في ظلّ تضخم النظام البيروقراطي استمرار الاستجابة لليوم السادس والنيران تصل الشيخ حسن في كسب  "بسمات الأمل".. رحلة الدعم في قلب سوريا الجديدة  720 سيارة سياحية من كوريا الجنوبية تصل مرفأ طرطوس.  المستقبل يصنعه من يجرؤ على التغيير .. هل تقدر الحكومة على تلبية تطلعات المواطن؟ الخارجية تُشيد بقرار إعادة عضوية سوريا لـ "الاتحاد من أجل المتوسط" فرق تطوعية ومبادرات فردية وحملة "نساء لأجل الأرض" إلى جانب رجال الدفاع المدني 1750 طناً كمية القمح المورد لفرع إكثارالبذار في دير الزور.. العملية مستمرة الأدوية المهربة تنافس الوطنية بطرطوس ومعظمها مجهولة المصدر!.  السيطرة الكاملة على حريق "شير صحاب" رغم الألغام ومخلفات الحرب    بين النار والتضاريس... رجال الدفاع المدني يخوضون معركتهم بصمت وقلوبهم على الغابة    تيزيني: غرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة كانت تعمل كصناديق بريد      تعزيز التعاون في تأهيل السائقين مع الإمارات بورشة عمل افتراضية     الإبداع السوري .. في"فعالية أمل" ريف اللاذقية الشمالي يشتعل مجدداً وسط صعوبات متزايدة وزير الطاقة: معرض سوريا الدولي للبترول منصة لتعزيز التعاون وتبادل الرؤى بطولات الدفاع المدني .. نضال لا يعرف التراجع في وجه الكوارث والنيران  وزير الطاقة يفتتح "سيربترو 2025"