«لم تعد أميركا كلب الحراسة القوي في منطقة الشرق الأوسط» بهذه العبارة الصارخة وضعت مجلة بوليتكو الرئيس الأميركي القادم إلى البيت الأبيض على محك الواقع وأظهرت عبثية هرولة وزير الخارجية الأميركي بومبيو بين الأقطار العربية لتغيير ملامح المنطقة بمخالب التطبيع قبل الانتخابات الرئاسية وبعد أن فشل سيف داعش والفوضى الخلاقة في رسم الشرق الأوسط الجديد (بكربون) مزاج كونداليزا رايس..
فالشرق الأوسط وبعد خبرة عشرات السنين في ذاكرة المفكرين الأميركيين الجمهوريين منهم والديمقراطيين بات المنطقة التي تسافر إليها الأفكار والخطط لتموت.. وإذا سال لعاب ترامب ومن قبله على النفط العربي ففطام واشنطن قريب من حليب (البقرة) النفطية خاصة أن البدائل الأميركية من الطاقة باتت متاحة ورغم الصراحة الأميركية بصرف ما في الجيب الخليجي لتطويع الغيب في المنطقة العربية وجعله على قياس إسرائيل.. إلا أن الحسابات الأميركية تقوم اليوم على أن تجربة إنفاق ٦ تريليونات من الدولارات في تخريب أفغانستان والعراق عجزت عن شراء مؤسسات حكومية مطلقة الولاء لواشنطن.. فكيف لها أن تشتري الشرق الأوسط بأكمله؟!.
قد يستوعب ترامب ذلك وأكثر ولكن بايدن يتعثر في فهم واقع المنطقة فيلصق على جدار تصريحاته الانتخابية.. سنلعب دوراً أكبر على الأرض السورية.. بينما يسرع الرئيس الحالي أي ترامب للضغط أكثر على طهران وتشكيل تحالف خليجي تتزعمه إسرائيل.. لتوقيع اتفاق نووي جديد يأخذ فيه ترامب صورة تذكارية أمام صندوق اقتراعه وتأشيرة من اللوبي الصهيوني بختم التطبيع لإعادة انتخابه…
بدأ الجدل حول نيات واشنطن في المنطقة وما إذا كانت حظوظها مرتفعة للبقاء أكثر في الوقت الذي يموت فيه الأميركيون بكورونا.. ويبتلع ترامب لسانه الداخلي!!.
لم تعد واشنطن قادرة على حمل أثقال استعصاءات المنطقة.. والسباق الرئاسي الأميركي مفروش اليوم بأشواك التخبط… لذلك يفتش ترامب عن اتفاق نووي جديد مع إيران فهو الحل السحري المؤقت لإظهار صورة الشرق الأوسط على ما يرام في الثلاثاء الكبير.. وما بعد ذلك عبثية أخرى، خاصة أن الرؤية الاميركية القادمة لا تنظر إلى المنطقة إلا بعيني إسرائيل، وأي اتفاق نووي آخر سيقابله تطبيع مجاني عربي برعاية أميركية مع (تل أبيب)..
أميركا التي فقدت قطبيتها الأحادية في سورية والمنطقة تبحث عن مكان تستعيد به (عظمتها)، ثمة من نصحها بمواجهة انهيارها الداخلي، وهناك من قال إن الصين ستقضي على ما تبقى من ريش للطاووس الأميركي.. وإن الجيل الخامس من التكنولوجيا الصينية سيمحو تأريخ العنجهية الاميركية..
قد يكون أردوغان أول من لمس بعصا الترقب ما يجري، لذلك قادته قدماه للانحناء إلى روسيا مجدداً وإجراء التدريبات لقتل الإرهابيين أو تهريبهم إلى ليبيا.. فأردوغان يعرف أن ترامب وما بعده سيتخلى عن السلطان، لذلك يبحث لنفسه عن مكان ودور وحلف في المنطقة..
تفوح روائح تغيرات كبرى في المنطقة.. تحاول روسيا الترتيب السياسي والعسكري وراء ذلك التخريب الأميركي، وقد تكون زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدمشق أحد مؤشرات ذلك.. لكن بالتأكيد كل ما يقوله أردوغان عن العودة الكاملة لأحضان موسكو هو هذيان، فإن قتل الإرهابيين فبماذا يحيا أردوغان!!.
من نبض الحدث- كتبت عزة شتيوي