تأخذ الجزيرة السورية اهتمامات متزايدة تبعاً لتطور الأحداث فيها، فهي منذ بداية العدوان الإرهابي على سورية شكلت منطقة استراتيجية للصراع بين قوى متصارعة، كان بعضها واضحاً ومعلناً، فيما كان الآخر كامناً ينتظر اللحظة المناسبة ليكشف عن وجهه البشع والتابع والعميل والمرتبط بالمشروع الصهيوني.
منذ بداية العدوان أظهرت القوى العدوانية صراعاتها هناك مع تحرك المجموعات الإرهابية للتمدد في الحسكة ودير الزور بدءاً مما كان يسمى جيشاً حراً مروراً بتنظيم النصرة وصولاً إلى داعش التي مثلت أعلى درجة من التوحش والإرهاب، الأمر الذي كان مقدمة تبريرية لتداخل تلك الصراعات لتعيد معها إلى الواجهة مشروعاً صهيونياً إقليمياً غايته توظيف بعض (الأكراد) في مخطط تقسيمي لم يغب يوماً عن اهتمام كيان العدوان.
كانت الظروف التي رافقت امتداد داعش في المنطقة ذريعة لسيطرة عصابات قسد على منطقة واسعة بعد الدعم الأميركي المباشر وتسهيل امتدادها للسيطرة على مناطق مترامية حتى تلك التي لا يتواجد بها أي شخص كردي، وهنا بدأت محاولات تغيير المفاهيم من أن تلك المناطق ذات أكثرية كردية، وهو الأمر البعيد كل البعد عن الواقع، فلم يكن الأكراد يمثلون أكثرية أبداً في أي تجمع سكاني في المنطقة كلها، وهم في أحسن الأحوال لا يمثلون أكثر من ثلاثين بالمئة في مدينة القامشلي ذاتها.
وأمام أوهام الحديث عن حقوق ضائعة وجد إرهابيو قسد أنفسهم منساقين خلف دعوات الانفصال ليواجهوا بعدها وبسرعة حقيقة التبعية للخارج سواء كانت تلك التبعية أميركية أو صهيونية أو تتصل بجبال قنديل.
كانت المقدمات تفرض على أبناء المنطقة من عرب وأكراد الانصياع لقوات قسد الإرهابية، لكن سياسة قسد التمييزية والعدوانية انكشفت سريعاً لأنها ماضية في محاولات إحداث تغييرات ديموغرافية تمثلت بعمليات قتل واغتيال استهدفت شخصيات قيادية واجتماعية ذات وزن ومكانة كبيرتين في الجزيرة بهدف إحداث حالة خوف ورعب يتبعها نزوح لمناطق في الداخل، لكن تلك الخطة فشلت أمام الرد الذي بدأه المواطنون العرب ومعهم بعض الأكراد الذين اكتشفوا الخطة العدوانية فقد بدأت المقاومة والمواجهة عبر احتجاجات ومظاهرات ما لبثت أن تحولت الى مواجهة مسلحة وعقد لقاءات ومؤتمرات تحشد لتسليح أبناء المنطقة وتنظيم مقاومة شعبية تتصدى لعصابات قسد والقوات الأميركية التي تدعمها على السواء، وذلك ما يضع المنطقة على صفيح ساخن لن يبرد إلا مع طرد المعتدين والقضاء على كل الإرهابيين من قسد وغيرها وإسقاط المشروع الصهيوني التقسيمي، وهو أمر محكوم بالتحقق نظراً للظروف الموضوعية التي تحكم الصراع والواقع الجيواستراتيجي للمنطقة، فكل الوجود الأميركي لا يمكن أن يغير من طبيعة المنطقة المتأصلة سورياً على مدى التاريخ، إضافة إلى أن الإدارة الأميركية تدفع بالمتوهمين كقسد نحو الانتحار المجاني خدمة للمشروع الصهيوني، في حين أن النسبة الكبرى من المواطنين الأكراد يدركون هذه الحقيقة وما زالوا يحافظون على ولائهم المطلق للوطن الذي خبروا وعرفوا مكانتهم وحقوقهم كمواطنين كاملي الحقوق وعليهم واجبات المواطنة كافة ولا تغيرهم دعوات الخارج التخريبية.
معاً على الطريق- مصطفى المقداد