مجلة أسامة..نصف قرن رديف ثقافي ..بيرقدار: بناء ذاكرة الطفل على نحو سليم ..في وطنه وآثاره وتاريخه ..

الثورة أون لاين – هناء الدويري:

بصمة فنية وثقافية في عالم الطفولة المنسية عمرها نصف قرن من الزمن،إنها “مجلة أسامة “للأطفال حيث يبقى الأمل بنهوض سوريا مرهونا بالعمل على تعزيز ودعم ثقافة أطفالها وبناء شخصياتهم المفعمة بالثقة والحبّ والانتماء والنماء.
في كل مرة تسعى مجلة أسامة لتقديم الجديد والممتع والمفيد للأطفال لإغناء تكوينهم المعرفي والثقافي.
الآفاق المستقبلية لثقافة وطنية رهن عمل المؤسسات الثقافية التي تُعنى بالطفل السوري، وتجربة مجلة أسامة كرديف ثقافي تجربة رائدة في هذا المجال…التقت صحيفة الثورة رئيس تحرير المجلة الكاتب والشاعر قحطان بيرقدار للحديث عن العمل في المجلة لولادة أعدادها الشهرية بما يلبي طموحات وآمال الطفولة..
• تكتب للطفل وللطفولة ومسؤول عن اختيار ما يُنشر للطفل. في رأيكم أين تكمن الصعوبة في اختيار ما يُقدّم إلى الطفل من محتوى وشكل؟ وهل مخاطبة الأطفال أصعب من مخاطبة الكبار؟
* إنها لَـمهمّةٌ صعبةٌ أن نختار للطفل منشوراتٍ تلائمه وتُـمتعُهُ وتُعزِّزُ لديه القيم الإيجابية، ولعلّ الصعوبة تكمن في مراعاة عناصر عدّة ينبغي توافرها في النص الذي نريد توجيهَهُ إلى الطفل، ابتداءً بدراسة المرحلة العمرية للطفل ومدى ملائمة النّص الأدبي لهذه المرحلة لغوياً ونفسياً وتربوياً، مروراً بتوافر عنصر المتعة والتسلية والجذب والإدهاش في النص، وانتهاءً بالقيم التربوية التي ينبغي للنص أن يُعزِّزَ حُضورَها في ذات الطفل. من هنا تبدو الكتابةُ للطفل أصعبَ من الكتابة للكبار، فهناك نقاطُ تلاقٍ ونقاطُ افتراق بينهما، أمّا نقاط التلاقي فيمكن تلخيصُها بتوافر الجمال الإبداعي بعناصره كافّة، وأمّا نقاط الافتراق فيمكن تلخيصُها بأننا في الكتابة للأطفال ينبغي أن نكونَ مُدعَّمينَ بمعارف عدّة حول الطفل أدبياً ونفسياً وتربوياً لكي ننجحَ في مخاطبته، ونُؤثِّرَ فيه إيجاباً.
• الخطة السنوية للمجلة في إذكاء روح الثقافة والوعي لدى الطفل السوري بخاصة والعربي بعامة؟
 ُتحاول مجلةُ أسامة أن تواكبَ الطِّفل َالسُّوريّ الراهن باهتماماته وأحلامه وميوله، ومن ثم فهي تُقدِّمُ إليه ما يتعلّقُ بتفاصيل عالمه على نحوٍ مُتنوِّعٍومُتجدِّد،ففي كُلِّ عددٍ نجدُ القصّةَ القصيدة و السيناريو “الكوميك” أو القصّة المُصوّرة، وموادّ معرفية متنوعة في شتى مجالات المعرفة، وكُلُّها تطرحُ موضوعاتٍ تهمُّ الطفل وتجذبُهُ بأسلوبٍ يُؤثّر فيه ويُحقّق أهدافاً عدّة إبداعيّة وتربوية، إضافةً إلى التسالي التي تهدفُ إلى تنمية قدرات الطفل الذهنية والعقلية، وفي الوقت نفسه تمتعه وتُسلِّيه. وثمّةَ في المجلة أيضاً مجالٌ كبيرٌ لإبداعات الأطفال في الكتابة الأدبية والرسم وغير ذلك من اهتماماتٍ قد تكونُ متوافرةً لدى الطفل، فالمجلة تعكسُ هذه المواهب على صفحاتها، وتُنمِّيها وترعاها.

• الحرب في سورية أفرزت كثيراً من الأزمات النفسية والفكرية عند الطفل السوري، هل يوجد برنامج محدد لديكم لإعادة هؤلاء الأطفال إلى حياتهم الطبيعية؟
 بالتأكيد، راعينا فيما نُشِرَ في مجلة أسامة خلال سنوات الحرب أن نأخُذَ بيد الطفل السوريّ الذي ذاقَ ويلاتِها إلى بر الأمان، وذلك عبرَ تعزيز روح الأمل والتفاؤل في نفسه، وأنّ المستقبل سيحملُ بين طيّاتِهِ ما هو جميلٌ ومُبهِجٌ، وتمكين انتمائه إلى وطنه، وضرورة حمايته والذود عنه قولاً وفعلاً، كما عملت المجلةُ على احتضان مواهب الأطفال المتنوعة على صفحاتها عبرَ إفساح المجال لهم للتعبير عن أنفسهم، ولهذا دورٌ كبيرٌ في جَعْلِ الطفل يشعرُ بأنّهُ يُحقِّقُ ذاتَهُ، وينعكس إيجاباً على مناخِهِ النفسيّ والعقليّ والوجدانيّ.

• أفرزت الحرب والهجمة الممنهجة على سورية ثقافياً واجتماعياً وعسكرياً محاولات لاستلاب العقول والفكر لجيل كامل من الأطفال والناشئة، وبخاصة في مناطق سيطرة الإرهاب التكفيري الظلامي لوقت طويل، وبالتالي أثرت في الثقافة الوطنية. ما توجهاتكم لإعادة إحياء الثقافة الوطنية عند هؤلاء وتخلصيهم من شوائب الفكر الظلامي؟
 لا بُدّ من إعادة النظر فيما يُقدَّمُ إلى الطفل من محتوياتٍ أدبية وفنية، بعد أن نأخذ في الاعتبار الواقع الذي وصلَ إليه الطفلُ السوري في ظل الحرب، ولاسيما أننا أمام جيلٍ وُلِدَ وعاشَ وتربّى في ظل الحرب، لذلك لا بد من إعادة بناء ذات الطفل على أُسسٍ تربويةٍ سليمة، ويبدأُ ذلك في الأسرة، ويستمرُّ في المدرسة، ويُعزَّزُ بكل ما يرفد ثقافة الطفل من منشورات ومحتويات معرفية وأدبية وفنية، ومن أبرز تلك الأسس التربوية تعزيز تمسُّك الطفل بوطنه وتمتين انتمائه إليه، ودفعه إلى بنائه، وتعزيز ثقافة المواطنة والتسامح والإخاء لديه، ونَبْذ ثقافة التفرقة والحقد والتخريب التي حاولَ الفكر الظلاميّ تعميمها في بعض المناطق.

• دور الرسوم والألوان والرؤية البصرية في إنعاش واحياء ذاكرة الطفل؟
 للرسوم والألوان دورٌ كبيرٌ في إيصال محتويات النصوص الأدبية إلى الطفل، فاللغةُ البصرية مهمةٌ جداً في مخاطبة الطفل، وفي تنمية ثقافته وذائقته اللونية والفنية عموماً، ولا بدّ من تعزيزها لديه، ولا سيما أننا نعيشُ في عصر الصورة، والجانبُ البصري يأخذُ حيّزاً واسعاً في كل شيء، وقد عملت مجلةُ أسامة على تعزيز اللغة البصرية عبرَ رفدها برسوم مُتنوّعة يُقدِّمُها إلى المجلة رسّامونَ ينتمون إلى مدارسَ فنيةٍ عدّة، وهي تُعبِّرُ عن واقع الطفل السوريّ، وتعكس مفردات البيئة السورية في أكثر من شكلٍ ومنحىً.

• الدمار الذي لحق بسورية والمعالم الأثرية، كيف استطاعت مجلتكم إعادة إحياء ذاكرة الطفل السوري بآثار بلاده وأهميتها وتاريخها؟
 فيما يتعلق بالمعالم الأثرية السورية وأهميتها وتاريخها، عملتِ المجلةُ على إحداث بابٍ ثابت ْ ” تحت عنوان من سورية عُرِضَتْ فيه لمحةٌ عن كُلِّ محافظةٍ من المحافظات السورية وعن تاريخها ومكانتها وطبيعتها وآثارها وأدبائها وعلمائها، وقد رافقت كلَّ محافظة رسومٌ مناسبةٌ ومُعبِّرةٌ عن أجواء المحافظة، إضافةً إلى ذلك، تحاولُ المجلة عبرَ الرسوم المرافقة للقصص والقصائد أن تعكسَ مفردات البيئة السورية وأصالتها وعراقتها وتفاصيل عدّة تتصل بذلك، وفي هذا إحياءٌ لذاكرة أجيال، وبناءٌ لذاكرة الطفل على نحوٍ سليمٍ فيما يتعلّق بطبيعة وطنه وآثاره وتاريخه.

• ما الأسسُ التي يتم على أساسها اختيار المحتوى المقدّم للأطفال في فنون الأدب من شعر ونثر وقصة؟ وهل نفتقد وجود كتاب وأدباء وشعراء متخصصين في الطفولة؟
 من الأسس التي يتم على أساسها اختيار المحتوى المُقدَّم إلى الطفل، مراعاة المرحلة العمرية التي نتوجّه إليها، فلكُلِّ مرحلةٍ عمرية خصائصها وصفاتها وشروطها، وأن تكونَ اللغةُ ملائمةً للطفل ومناسبةً لفهمه واستيعابه، وكذلك الأفكار المطروحة، وأن يكون في النص ما يجذبُ الطِّفلَ ويُمتعُهُ ويُسعِدُهُ ويُنمّي ذائقته الأدبية والفنية، وأن يتضمّنَ النصُّ قيمةً تربويةً وعبرةً وهدفاً إيجابياً، كلّ ذلك ضمن قواعد الكتابة للطفل وأعرافها ومعاييرها. أمّا ما يتعلق بالأدباء الذين يكتبون للطفل، فلدينا طاقاتٌ في هذا المجال، ولا سيما من جيل الشباب، وهذه الطاقات في حاجةٍ إلى رعايةٍ واهتمام عبر إقامة ورشات العمل والمسابقات الأدبيّة على نحوٍ مُستمرّ.

• من مفرزات الحرب أيضاً (الطفل اليتيم، أبناء الشهداء والجرحى، وحتى الطفل الجريح نفسه… هل يتم الأخذ في الاعتبار فقد الأهل أو فقد قطعة من الجسد سواء للطفل أو لذويه عند كتابة أو نشر أي محتوى ثقافي أدبي للطفل؟
 بالتأكيد، ثمّة في مجلة أسامة تركيزٌ على التضحيات التي قدّمَها أبناءُ الوطن في سبيل عزّة الوطن ورفعته، وثمّة تركيزٌ كبيرٌ على الشهداء وتضحياتهم، وعلى البطولات التي سَطَّرَها الجيشُ العربيّ السوريّ… وقد حاولت المجلة أن تلعبَ دوراً في بلسمةِ جراح الأطفال وزَرْع الأمل والفرح والتفاؤل في قلوبهم، ليتجاوَزُوا ما عاشُوهُ من ويلات هذه الحرب، وقد نشرتِ المجلةُ أعداداً خاصّةً عدّة وموادّ كثيرةً تتصل بذلك، ولا تزال.

• اللغة وأهمية الحفاظ عليها وتجسيدها بصورٍ وخيالات ومعانٍ أقرب إلى ذائقة الطفل وذكائه. هل يتم الأخذ في الاعتبار قدرات وذكاء طفل اليوم في تقديم محتوىً بلغة سليمة تناسب عقول الأطفال، وتناسب محاولات هدم البنية اللغوية وبخاصة في عالم الفضاء الأزرق؟
 تُولي مجلّةُ أسامة اللغةَ العربية أهميةً فائقةً، وتعمل على تمكينها وتعزيزها، فالنُّصوصُ التي تُنشَرُ فيها تُدقَّقُ لغوياً وتُضبَطُ بالشكل، أمّا اللغة المستخدمة في النصوص فهي تلائم مستوى الطفل اللغويّ والمرحلة العمرية التي تتوجّهُ إليها المجلة، كما تعملُ المجلة على أن يُحِبَّ الطِّفلُ لُغتَهُ ويتمسّك بها، ويُطوّر نفسَهُ فيها باستمرار.
• كيف يتجلى عملكم ضمن منظومة مؤسساتية وفريق عمل واحد لإنتاج محتوى غني ومتنوع يلبي معظم حاجات الطفل؟
 لمجلة أسامة فريقُ عملٍ مُنظّم ومُتعدّد المهام، كلٌّ يعمل حسبَ اختصاصه، فثمة هيئة تحرير ذات جانبين، جانب أدبيّ لتقييم النصوص الأدبية والمواد التي تُنشَر في المجلة، وجانب فنيّ لتقييم الرسوم التي تُنشَرُ مرافقةً للنصوص، إضافةً إلى مشرف فنيّ على الرسوم، ومخرج فنيّ يتولّى مهمة إخراج المجلة بشكلٍ مُحبَّب وجاذب للطفل، وهناك فريقٌ من الكُتّاب واسعٌ ومُتنوّع، للشبابِ فيه حضورٌ لافتٌ، وكذلك ثمّة فريقٌ من الرسّامين المُميّزين.
• المبادرات التي قمتم بها في ظلّ انتشار فيروس كورونا للبقاء على تواصل مع الطفل؟
 في فترة الحجر الصحيّ المنزليّ بسبب وباء كورونا، نهضت المجلةُ بمبادرةٍ تفاعليّة للأطفال عبرَ صفحتِها على الـ(فيسبوك)، تجسّدتْ بنشر لوحاتهم وكتاباتهم وصورهم وفيديوهاتهم على صفحتها، كما أقامت لهم مسابقةً فنيّة بعنوان “الرسّام الصّغير” بالتعاون مع ثقافي جديدة الخاص بريف دمشق، ومسابقة “أصدقاء أسامة… لحظاتكم الجميلة معنا”….

آخر الأخبار
الأتارب تُجدّد حضورها في ذاكرة التحرير  الثالثة عشرة وزير الطوارئ يبحث مع وزير الخارجية البريطاني سبل مكافحة حرائق الغابات تحية لأبطال خطوط النار.. رجال الإطفاء يصنعون المعجزات في مواجهة حرائق اللاذقية غابات الساحل تحترق... نار تلتهم الشجر والحجر والدفاع المدني يبذل جهوداً كبيرة "نَفَس" تنطلق من تحت الرماد.. استجابة عاجلة لحرائق الساحل السوري أردوغان: وحدة سوريا أولوية لتركيا.. ورفع العقوبات يفتح أبواب التنمية والتعاون مفتي لبنان في دمشق.. انفتاح يؤسس لعلاقة جديدة بين بيروت ودمشق بريطانيا تُطلق مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق وتعلن عن دعم إنساني إضافي معلمو إدلب يحتجون و" التربية"  تطمئن وتؤكد استمرار صرف رواتبهم بالدولار دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض