نزولاً عند رغبته في استثمار العطلة الصيفية لاكتساب خبرة في مجال إصلاح السيارات ولمساعدة والديه على تحمل تكاليف المعيشة التي باتت تفوق مقدرتهم، التحق الشاب الصغير بإحدى الورش المتخصصة في إصلاح السيارات بريف دمشق، ومنذ ذلك الحين لم يستطع إخفاء دهشته لما كان يشاهد أمام عينيه من أساليب الغش والاحتيال على الزبائن فكان يعمد يومياً إلى سرد تفاصيلها على والديه كلما عاد من عمله في الورشة.. تلك الأساليب التي لم يجد لها تسمية رغم سنه الصغير سوى أنها أنواع مختلفة من النصب والاحتيال.
فحكى الشاب للوالدين عن بيع قطعة أكثر بعشرات المرات من سعرها الحقيقي، بعد الادعاء بأن إصلاح السيارة المعطلة يتطلب بقاءها في الورشة إلى اليوم الثاني رغم أن إصلاحها لا يتطلب سوى ساعة من الزمن، وذلك لإيهام الزبون بأنها أخذت وقتاً طويلاً من العمل والجهد وبالتالي اقتطاع مبالغ كبيرة منه دون وجه حق، وكانت تلك هي الطريقة المعتمدة في التعامل مع معظم زبائن الورشة إن لم يكن جميعهم كما يؤكد الشاب.
دون أن نعمم الأمر على كافة الورش العاملة في هذا المجال فلكل قاعدة استثناء، لا عجب أن تصل الأمور بضعاف النفوس من أصحاب هذه الورش إلى هذه الدرجة من الجشع والتغول على المواطن، الذي يعاني ما يعانيه من ظروف معيشية صعبة؛ طالما أن عملهم لا تحكمه أي نوع من الرقابة أو الضوابط التي تكبح جماح أطماعهم وشهوتهم لجمع المال ولو على حساب سرقة الآخرين والاحتيال عليهم.
وكأن أصحاب السيارات لا يكفيهم ارتفاع تكاليف المحروقات والتأمين على سياراتهم ليواجهوا فواتير إصلاحها الباهظة التي لا يعلمون شيئاً عن تكلفتها الحقيقية أو مدة إصلاحها، ويبقى السؤال المطروح: أين هي أجهزة حماية المستهلك مما يجري في هذا القطاع؟ وأين هو قانون حماية المستهلك من ضبط عمل الورش وتحديد تكاليف قطع الغيار وكل ما تقوم به من أعمال وأجور التصليح التي تضع الأمور في نصابها الصحيح وتسد باباً واسعاً لنهب المواطن واستغلاله.
إصلاح أم استغلال- هنادة سمير