لطالما تمنى المواطن السوري أن يسمع ويرى أفعالاً لا مجرد أقوال عند أي حديث حكومي مهما كان، كيف إذا كان هذا الحديث هو البيان التي تُطلقه الحكومات عند البدء بعملها ليكون مؤشراً ودليل طريق ترسم من خلاله ماذا يجب أن تفعل وكيف وما المدة الزمنية اللازمة للتنفيذ؟
لم يكن مفاجئاً البيان الحكومي الذي أطلقته حكومتنا أمام مجلس الشعب، فما تم طرحه من عناوين لم تلامس هموم الناس التي تتزايد يوماً تلو الآخر، فمن أزمة إلى أخرى يقف عاجزاً أمام واقع صعب في ظل غياب إدارة صحيحة، فالحل يأتي دائماً بعد فوات الأوان.
لا ننكر أننا نتعرض لحصار اقتصادي جائر وعقوبات ظالمة لكن كان من المفترض أن تدير الجهات المسؤولة تلك الأزمات بعقلية مختلفة وتضع حلولاً مسبقة خاصة أنها تعلم أنها ستحدث ويجب أن تقدم بعض المعطيات لذلك.
للأسف من يقرأ البيان الحكومي يرى فيه ربطاً من المستحيلات وابتعاداً عن الواقع، وأن كل ما قيل مجرد وعود وكلام كبير لن ينفذ في ظل غياب الإدارة السليمة، وهنا نسأل لماذا لا تصارح الحكومة المواطن بالواقع وتشرح آلية عملها بشفافية وبالأرقام؟
تحسين الوضع المعيشي للمواطن لا يكون إلا من خلال تصحيح الاختلال الحاد بين الدخل والاستهلاك، فلم يعد هناك مزيد من الوقت، ولابد من تدخل إجرائي كامل بجرعات عالية المستوى تصوب هذا المسار فالحديث عن زيادة الرواتب والأجور لا يكفي طالما لم يرتبط بتخفيض للأسعار بل على العكس سندخل بمطب التضخم الذي نعاني منه بطبيعة الحال.
في الواقع إن تضاعف الأجور من دون أن يرافقها تحسن ملموس بالقدرة الشرائية للدخل مجرد إبرة تخدير مؤقتة أثرها فيما بعد سيكون مؤلماً، لذلك المطلوب ترتيب الأولويات ووضع جداول زمنية لتنفيذها على أرض الواقع فعبارة “لن ندخر جهداً لتحسين دخل الموظف عندما تتوافر الإمكانيات” تحمل الكثير من التأويلات والوقت، وكل ذلك غير مجدٍ في ظل الواقع الاقتصادي الصعب الذي تبقى البوصلة فيه “المواطن” الذي أصبح مجرد حقل تجارب..
الكنز- ميساء العلي