الثورة أونلاين – ريم صالح:
بعد أسبوع حاسم من المفاوضات شهد خلافات حادة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، حول تحديد شكل العلاقة التجارية المستقبلية بعد رحيل بريطانيا عن الاتحاد فيما يعرف بمفاوضات “ما بعد بريكست”، يبدو أن الأمور تتجه نحو المزيد من التعقيدات والانقسامات بين الجانبين، خاصة بعد رفض لندن طلب بروكسل سحب قانون مثير للجدل طرحته حكومة بوريس جونسون ويشكل تراجعاً جزئياً عن اتفاق بريكست على الرغم من التحذيرات الأوروبية من إقراره، وذلك في الشوط الأخير من المفاوضات الثنائية، والأمر ازداد تعقيدا على خلفية مصادقة “النواب البريطاني” قبل يومين على مشروع القانون الذي بات أمام مجلس اللوردات خلال الأسابيع المقبلة، الأمر الذي دفع ببروكسل للتلويح بمحكمة العدل الأوروبية التي قد تفرض غرامات على بريطانيا أو تفرض قيودا عليها.
وردا على التراجع البريطاني عن الاتفاق المبرم سابقا، أعلن الاتحاد الأوروبي اليوم الخميس أن بروكسل ستتخذ خطوات قانونية ضد مساعي الحكومة البريطانية لإلغاء أجزاء من اتفاقية بريكست، وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في كلمة مقتضبة: “قررت المفوضية هذا الصباح توجيه رسالة إنذار رسمية للحكومة البريطانية، هذه الخطوة الأولى ضمن إجراءات تتعلق بالإخلال” باتفاق بين الطرفين”.
وينتهك مشروع القانون التزامات تعهدت بها بريطانيا متعلقة بإيرلندا الشمالية، وتهدف إلى تجنب إعادة إنشاء حدود مادية بين جمهورية ايرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، والمقاطعة البريطانية، وهو أمر يعدّ الضمان الأساسي لاستمرار السلام في الجزيرة.
وقالت فون دير لايين: “مشروع القانون بطبيعته انتهاك لما نص عليه اتفاق بريكست، إضافة إلى ذلك في حال تبنيه بصيغته الحالية فهو يتناقض تماما مع البروتوكول المتعلق بإيرلندا وإيرلندا الشمالية” المشمول في الاتفاقية.
هذا وقد أمهل الأوروبيون بريطانيا حتى نهاية أيلول للتخلي عن النص، وقالت المفوضية في بيان “ندعو الحكومة البريطانية لإرسال ملاحظاتها في غضون شهر، وبعد درس هذه الملاحظات أو في غيابها يمكن للمفوضية اتخاذ قرار مدعوم بحجج إذا اقتضى الأمر”.
ويمكن للإجراء أن يُرفع إلى محكمة العدل الأوروبية التي قد تفرض غرامات على بريطانيا أو تفرض قيودا عليها.
بريطانيا ردت من جانبها على لسان المتحدث باسم حكومتها بالقول: “سنرد على الرسالة في الوقت المناسب، وشرحنا بوضوح الأسباب التي دفعتنا لاعتماد التدابير المرتبطة بالبروتوكول حول إيرلندا الشمالية، علينا اقامة شبكة امان قانونية لحماية وحدة السوق الداخلية البريطانية والتحقق من أن الوزراء سيتمكنون من الاستمرار في الالتزام بتعهداتهم حيال إيرلندا الشمالية وحماية مكتسبات عملية السلام”.
ويعتبر رئيس الوزراء البريطاني أن هدف مشروع القانون هو الدفاع عن وحدة أراضي المملكة المتحدة مع ضمان استمرارية التبادل بين بريطانيا وإيرلندا الشمالية.
وخرجت بريطانيا رسميا من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني لكنها لا تزال تطبق القواعد الأوروبية حتى 31 كانون الأول في فترة انتقالية تأمل خلالها لندن وبروكسل في التوصل إلى اتفاق تجاري ينظم علاقاتهما المستقبلية.
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، سيزعزع وقف المبادلات اقتصادات تعاني أصلا جراء تفشي فيروس كورونا المستجد.
وتتعثر المحادثات حول العديد من الموضوعات الحساسة، بما في ذلك الضمانات التي يطلبها الاتحاد الأوروبي والمتعلقة بالمساعدات المالية والاجتماعية والبيئية وبخاصة المساعدات الحكومية لتفادي وجود اقتصاد غير منظم وينافس بشكل غير عادل على الطرف الآخر من القناة.