في ظل غياب خطة لإنتاج المواد العلفية محليا ارتفاع أسعار الأعلاف يخلق أزمات عديدة للمربين بطرطوس ويرفع أسعار اللحوم الحمراء والفروج لتحلق عاليا دون هبوط

الثورة أون لاين _ فادية مجد :

الارتفاع الجنوني الذي شهدته وتشهده اسعار اللحوم جعلت اغلب المواطنين يتخلون عن التفكير بشراء اللحوم الحمراء في ظل التحليق العالي في أسعارها لتصبح بالنسبة لهم من المنسيات والحلم البعيد المنال.. أما لحم الفروج والذي كان الاعتماد عليه ، وكان الملاذ للهروب من شبح أسعار اللحوم الحمراء ، فلحق هو الآخر بموجة الطيران والتحليق بأسعار تأبى الانخفاض ، ليغدو خارج الخطة الشهرية لمعظم العائلات مع الارتفاع الكبير بأسعاره وصعوبة شرائه.
وفي جولة لنا للتعرف على أسعار تلك المواد وجدنا أن سعر كيلو الفروج اليوم (٣٠٠٠ ليرة )وكيلو لحم البقر ب ١٣ ألفا والغنم الكيلو منه ب ٢٠ ألف ليرة ، وصحن البيض ٤٥٠٠ ليرة والحليب ب ٧٠٠ ليرة واللبن ب ٨٠٠ ليرة.
وهذه الأسعار تنخفض قليلا ثم ماتلبث أن ترتفع كل يومين لترى تحليقا عاليا جديدا في أسعارها حتى صار وجودها على موائدنا ضربا من الخيال رغم اهميتها الغذائية ، ليكتفي مواطننا بحمد الله على وجود البطاطا أكلة الفقراء والتي أصبح سعرها أيضا ليس بأحسن حال.
صاحب ملحمة في مدينة صافيتا قال : كنا نبيع طن لحم خلال أسبوع ، أما الآن فأصبحنا نبيع مئتين الى ثلاثمئة كيلو أسبوعيا .
فيما أشار صاحب ملحمة آخر الى انخفاض مبيعات اللحوم في ملحمته منذ عدة أشهر بشكل كبير عما كان عليه في السابق ، وذلك بسبب أسعارها المرتفعة جدا ، لينحصر شراؤها بطبقة الميسورين جدا ، مبينا أنه تمضي أيام عديدة حتى يأتيه زبون للشراء وهذا الحال واستمراره سيهدد بإغلاق محله.
أبو علي صاحب محل فروج أشار لنا وبأسى قائلا : كنا نبيع مئة فروج منظف في اليوم ، ولكن مع ارتفاع اسعاره أصبحنا نبيع ٢٥ فروجا في النهار الواحد وأغلب من يريد شراء لحم فروج … يأخذ جوانح دجاج لانخفاض سعرها عن الفروج الكامل وبقية اقسامه نوعا ما .
وطالب بعض أصحاب محال الفروج الذين التقيناهم بعدم حصر استيراد المادة بتاجر واحد أو عدد معين لأن التجار يستوردون بالسعر المدعوم ويبيعون بالسعر المتداول في السوق السوداء وهذا الأمر يؤدي الى غلاء كبير بأسعار الفروج ..
بعض مربي الصيصان شكوا لنا أنهم أحجموا عن تربية صوص الفروج بسبب غلاء العلف ، وطالبوا الجهات المعنية للتدخل وتخفيض أسعار الأعلاف فقد خسروا كثيرا وانقطع مصدر رزقهم ومعيشتهم من تربية صوص الفروج .
أحد مرتادي محل لبيع الفروج أكد أنه لم يشتر الفروج منذ شهر وذلك بسبب ارتفاع سعره ، وقد اشترى فروجا ٢ كيلو ب ٦٣٠٠ ليرة …
أما أم أحمد فقالت لنا : بسبب غلاء الفروج أصبحنا نشتري كل شهر فروجا كبيرا ونقوم بتقسيمه لطبختين ، فسعره مرتفع بعد أن كان ملاذنا لأن اللحوم الحمراء أصبحت من المنسيات.

أغلب الذين التقينا بهم أكدوا أن سبب غلاء لحم الفروج هو ارتفاع أسعار الاعلاف وقلة إنتاج الصوص بسبب هجران اغلب مربي الصيصان عن التربية بسبب غلاء متطلبات التربية.
رئيس جمعية القصابين في طرطوس باسم سليمان يعزو سبب ارتفاع أسعار اللحوم في المحافظة الى عدة أسباب هي مرض الجدري الذي أصاب الأبقار وقلة تربية الأغنام والعجول والأبقار في الساحل السوري وعدم وجود سوق لها وتهريب قطعان الماشية وارتفاع سعر العلف بشكل كبير .
وأضاف : بلغ سعر كيلو العجل الحي بين ٥٠٠٠ و ٥٥٠٠ ليرة ، وكيلو الغنم الحي بين ٦٠٠٠ الى ٧٠٠٠ ليرة .
من جهته مدير عام منشأة دواجن طرطوس المهندس محمد ابراهيم وحول غلاء سعر بيض المائدة أوضح أن سعر مادة بيض المائدة يتعلق بسياسة العرض والطلب ، فكلما كان العرض قليلا يكون الارتفاع بسعر المنتج ، مبينا أن السبب المباشر لقلة العرض هو اعتكاف العديد من مربي القطاع عن التربية بسبب ارتفاع أسعار المواد العلفية التي تشكل بحدود ٧٠ بالمئة من قيمة التكلفة وكون هذه المواد مستوردة وتتعلق بسعر الصرف ، لافتا أن تسعيرة مادة بيض المائدة تتم من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بسعر ٣٦٠٠ ليرة للطبق ، تقوم منشأة دواجن طرطوس ببيعه في صالتها الكائنة على طريق عام صافيتا _ طرطوس وفي صالتها الثانية الموجودة في منطقة الكراجات الجديدة بهذا السعر .
وذكر ابراهيم أنه نتيجة ارتفاع أسعار المواد العلفية مثل الذرة الصفراء وكسبة فول الصويا كونها مستوردة تم التوجيه من قبل وزارة الزراعة بموجب اتفاق بين المؤسسة العامة للدواجن والمؤسسة العامة للأعلاف لبيع مؤسسة الدواجن المواد العلفية على أن يتم تسديد القيمة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الاستجرار ، علما أن أسعار هذه المواد أقل من سعر القطاع الخاص بحدود ٣٠ إلى ٤٠ بالمئة وهذا مايحقق تخفيضا بتكلفة الانتاج ، وبالتالي يؤدي إلى انخفاض أسعار المنتج سواء أكان بيض مائدة أم فروجا.
مدير فرع المؤسسة العامة للأعلاف بطرطوس المهندس محمد حسين وردا حول الشكوى المقدمة من قبل المربين حول قلة الأعلاف وارتفاع أسعارها أشار الى أن الزيادة مرتبطة بتوفر المادة في المستودعات وإنتاج المعامل وعدد الثروة الحيوانية على مستوى القطر .

واوضح حسين أن أسعارهم أخفض من السوق ، فسعر طن النخالة / ١٣٣٥٠٠ / ليرة بينما سعرها في السوق / ٤١٠٠٠٠/ وجاهز كبسول يباع الطن في المؤسسة ب / ٢٢٥٠٠٠ / ليرة وفي السوق يباع ب / ٤٥٠٠٠٠ / والذرة ب ٣٣٨٠٠٠ ليرة وفي السوق ٥٣٠٠٠٠ ليرة والصويا ب ٦٥٠٠٠ ليرة وفي السوق ب ٨٩٠٠٠٠ ليرة .
مدير فرع السورية للتجارة بطرطوس المهندس يوسف حسن ولدى سؤالنا له عن دور السورية للتجارة في التدخل الايجابي في ظل الارتفاع الكبير في أسعار اللحوم الحمراء ولحم الفروج ومنتجات الثروة الحيوانية ومدى توفرها في صالاتها وتقديمها بأسعار مخفضة لتكون ملجأ لذوي الدخل المحدود في ظل لهيب أسعارها أفاد قائلا : أنه بالنسبة لمادة الفروج
فقد تم عرض مادة الفروج المجمد في صالات ومنافذ المؤسسه بسعر ٣٥٠٠ ليره للكيلو منه.. ولكنه لم يلق رواجا وإقبالا من قبل المواطنين لأنهم يفضلون الفروج الحي والمنظف امامهم ، مبينا أنهم يقومون حاليا فقط بتأمين الفروج المنظف والمقطع لجهات القطاع العام المتعاقدين مع المؤسسة لتأمين مواد الاعاشة وفق التسعيرة التموينية.
أما فيما يتعلق بمادة اللحوم والأجبان والألبان فهناك صعوبة حاليا في تأمينها ، فالسورية للتجارة ليس لديها مزارع ابقار لتتمكن من تأمين الأجبان والألبان في صالاتها ، وإنما تستجر تلك المواد من السوق ، وقد ارتفع سعرها بشكل كبير خلال الفتره الماضية
ونقوم حاليا بتأمينها فقط لمشافي المحافظة بموجب العقود الموقعة بهذا الخصوص.

وأخيرا …
بعد كل هذه الآراء المتعددة لابد من القول إنه لكبح هذا الارتفاع الجنوني في أسعار اللحوم الحمراء والفروج و البيض ومشتقات الحليب من ألبان واجبان وغيرها لابد من تخفيض أسعار الأعلاف وتأمينها بشكل كاف ، بحيث لا يضطر المربي للشراء من التجار بأسعار لهيبها أشد من الاسعار المرتفعة من مؤسسة الاعلاف.
وهنا نسأل أين دور وزارة الزراعة مما يحدث من ارتفاع أسعار الاعلاف والصرخات التي أطلقت منذ مدة طويلة لحل تلك المعضلة؟!
أين خطتهم لانتاج مواد علفية كالذرة والصويا وغيرها
وتحقيق الوفرة بها ودعم المربين ؟!
من حق المربي أن يحصل على حاجته كاملة من الأعلاف ليستمر بعمله ويزيد الانتاج وبالتالي تنخفض أسعار اللحوم والفروج ويصبح بمقدور الجميع تناولها..
لابد من حلول جذرية … فهل سيطول الانتظار؟..