الثورة أون لاين –ادمون الشدايدة:
لا تزال ليبيا غارقة في الفوضى منذ العدوان الأطلسي عليها عام 2011، حيث أفرز هذا العدوان الغاشم سلسلة طويلة من الاضطرابات الأمنية كان ضحيتها الشعب الليبي، وزاد من معاناته دخول النظام التركي مؤخراً على خط دعم الإرهاب وتغذيته لأهداف استعمارية توسعية، وقد بذلت الكثير من الجهود لإعادة بسط الاستقرار والأمان في هذا البلد، إلا أن الفشل كان يلازم تلك الجهود بسبب التدخلات الخارجية الفظة في شؤون الشعب الليبي، واليوم ومن خلال محادثات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة “5+5″،الجارية في جنيف، تدفع الجهود الدولية باتجاه إيجاد اتفاق بين طرفي النزاع المتمثلين بحكومة السراج الإخوانية التي يدعمها النظام التركي، والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، ويبدو أن ثمة مناخاً إيجابياً يخيم على تلك المحادثات، وما يعزز ذلك، هو إعلان رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالوكالة، ستيفاني وليامز، اليوم الأربعاء، عن توصل طرفي النزاع الليبي إلى سلسلة اتفاقات مبدئية في سبيل تسوية الأزمة.
وليامز أكدت في هذا السياق أن الاتفاقات الجديدة التي تم التوصل إليها بين الوفدين العسكريين في الجولة الأخيرة من محادثات اللجنة العسكرية المشتركة الليبية (5 + 5) في جنيف، تشمل إعادة فتح الطرق البرية وخطوط الرحلات الجوية الداخلية، وتسهيل التواصل بين المناطق، بما يسمح بإيجاد حلول لقضية المعتقلين، ومن المقرر أن يتم استئناف الملاحة الجوية بين العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي شرق البلاد أواخر الأسبوع الجاري.
كما اتفق الطرفان بحسب وليامز على “مواصلة حالة التهدئة الحالية على جبهات القتال وتجنب أي تصعيد عسكري”، واتخاذ خطوات لإعادة هيكلة حرس المنشآت النفطية لضمان استمرار تدفق النفط.
وبما لا يدع مجالاً للشك بأن هذا الاتفاق أو أي اتفاق آخر يبقى مرهوناً بصدق النية التركية التي تسيطر بقراراتها على حكومة السراج، ولا سيما أن نظام أردوغان الإخواني لطالما عمل على إفشال كل الاتفاقات التي من شأنها إخراج ليبيا من أزمتها، كما أنه لا يمكن لأي اتفاق يجري بين الليبيين أن يبصر النور ما لم يخرج أردوغان إرهابييه خارج ليبيا.
ومن المعروف أن أنقرة لها اليد العليا في النزاع الليبي اليوم وهي التي تحاول وضع العراقيل أمام توافق الليبيين على حل سياسي ينهي أزمتهم، حيث تعمل بشتى الطرق والإمكانيات الملتوية من أجل دعم حكومة السراج الإخوانية على حساب مصالح الشعب الليبي العليا، وقد شهدت السنوات الخمس الماضية عدة اتفاقيات ومبادرات بين أطراف النزاع الليبي، لكنها سرعان ما أفقدتها التدخلات التركية صوابيتها والدفع بها نحو نيران الاختلافات لتتخذ الأمور مساراً أكثر عنفاً.
وكانت قد وجهت عشرات الانتقادات الأممية والدولية للتدخلات الخارجية في ليبيا، كما نددت المسؤولة الأممية ويليامز بالتدخلات الخارجية في النزاع الليبي، مطالبة تلك الدول بـرفع أيديها عن ليبيا، في إشارة واضحة للتدخل التركي السافر في الشأن الليبي.
وانطلقت الجولة الرابعة من محادثات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة “5+5″، يوم الاثنين الماضي، في مقر الأمم المتحدة في جنيف، والتي من المقرر أن تستمر حتى الـ 24 من الشهر الجاري، وسط آمال تحدو الأمم المتحدة في توصل الوفدين إلى حلحلة المسائل العالقة، تمهيداً للوصول إلى وقف دائم وفوري لإطلاق النار في جميع أرجاء ليبيا.