الأسلحة الأميركية الأكثر تأجيجا لصراعات الشرق الأوسط

الثورة أون لاين – ترجمة: ختام أحمد
تتميز الولايات المتحدة بكونها أكبر تاجر أسلحة في العالم، فهي تهيمن على التجارة العالمية منذ سنوات طويلة، ولا يوجد مكان أكثر اكتمالاً لهذه الهيمنة كالشرق الأوسط الذي مزقته الحروب بلا نهاية، وحصتها تقترب من نصف سوق السلاح، من اليمن وليبيا ومصر والعراق إلى سورية، وقد لعبت مبيعاتها ومبيعات حلفائها الدور الأكبر في تأجيج الصراعات الأكثر تدميراً في العالم.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتقد أن مثل هذا الاتجار بأدوات الموت والدمار سيساعد آفاقه السياسية، ولو كان صادقًا في التغيير لوافق على “اتفاقيات وقف مبيعات الأسلحة”، غير أنه ابرم اتفاقا مع “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو” للحصول على 8 مليارات دولار جديدة كحزمة أسلحة من الإدارة الأميركية، بما في ذلك سرب إضافي من طائرات F-35التابعة لشركة لوكهيد مارتن (بخلاف تلك التي تم طلبها بالفعل)، وأسطول من طائرات الهليكوبتر الهجومية من طراز Boeing، وأكثر من ذلك بكثير، فإذا تم تنفيذ هذه الصفقة، فإنها ستشمل بلا شك زيادة في التزام “إسرائيل” بالمساعدات العسكرية الوافرة من الولايات المتحدة، والتي من المقرر بالفعل أن تصل إلى 3.8 مليار دولار سنويًا على مدى العقد المقبل، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها ترامب الاستفادة من مبيعات الأسلحة إلى الشرق الأوسط لتعزيز موقعه السياسي في الداخل، ومكانته باعتباره صانع الصفقات في هذا البلد بامتياز، فقد بدأت مثل هذه المحاولات في أيار 2017، خلال أول رحلة خارجية رسمية له إلى السعودية، حيث جاء ترامب حاملاً السلاح على شكل 110 مليارات دولار مفترضة كصفقة أسلحة، ولا يهم إن كان حجم الصفقة مبالغًا فيه إلى حد كبير. فترامب لم يكن أول رئيس يبيع الأسلحة بعشرات المليارات من الدولارات إلى الشرق الأوسط، فإدارة سلفه أوباما، على سبيل المثال، قدمت الأسلحة بقيمة 115 مليار دولار للسعودية خلال سنواتها الثماني في الحكم، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والمروحيات الهجومية والمدرعات والسفن العسكرية وأنظمة الدفاع الصاروخي والقنابل والمدافع والذخيرة، ومن الجدير ذكره أنه لم تذهب تلك الأسلحة إلى المستودعات أو تُعرض في العروض العسكرية، لقد كانت تلك الأسلحة للاستخدام الوحشي ضد المدنيين في اليمن الذي يعيش أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
يشرح تقرير جديد صادر عن برنامج الأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية كيف تهيمن الولايات المتحدة بشكل مذهل على سوق الأسلحة في الشرق الأوسط، ووفقًا لقاعدة بيانات جمعها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام حول مبيعات السلاح، فقد استحوذت الولايات المتحدة على 48٪ من مبيعات الأسلحة الرئيسية إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وذلك في الفترة من 2015 إلى 2019، وهذا يمثل ما يقرب من ثلاثة أضعاف الأسلحة التي باعتها روسيا لهذه المنطقة، وخمسة أضعاف ما باعته فرنسا، و10 أضعاف ما صدرته المملكة المتحدة ، و 16 ضعفًا من مساهمة الصين.
توضح هذه البيانات تأثير الأسلحة الأمريكية في هذه المنطقة التي تمزقها الصراعات فواشنطن هي أكبر مورد لـ 13 دولة من أصل 19 دولة فيها، بما في ذلك المغرب (91٪ من وارداتها من الأسلحة) و”إسرائيل” (78٪) والسعودية والجزيرة العربية (74٪)، الأردن (73٪)، لبنان (73٪)، الكويت (70٪)، الإمارات (68٪)، قطر (50٪).
لا ينتج معظم اللاعبين الرئيسيين في حروب الشرق الأوسط أسلحته الخاصة، ما يعني أن واردات الأسلحة القادمة من الولايات المتحدة هي الوقود الحقيقي لتلك الصراعات، في حين يصف المدافعون عن عمليات نقل الأسلحة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بأنه قوة من أجل “الاستقرار”، أو وسيلة لتعزيز التحالفات، أو مواجهة إيران، أو بشكل عام أداة لخلق توازن قوى يجعل الاشتباك المسلح أقل احتمالًا في عدد من النزاعات الرئيسية في المنطقة، هذا ليس أكثر من خيال مناسب لموردي الأسلحة (وحكومة الولايات المتحدة)، حيث أن تدفق الأسلحة الأكثر تقدمًا لم يؤد إلا إلى تفاقم النزاعات، وتفاقم انتهاكات حقوق الإنسان، وتسبب في عدد لا يحصى من القتلى والجرحى بين المدنيين، مع إحداث دمار واسع النطاق.
ورغم أن واشنطن ليست المورد الوحيد للسلاح في المنطقة، إلا أنها الجاني الرئيسي عندما يتعلق الأمر بالأسلحة التي تغذي الحروب الأكثر عنفًا في المنطقة، فعندما غزت القوات التركية شمال شرق سورية في تشرين أول 2019، على سبيل المثال، تواجهت مع الميليشيات السورية التي تقودها ” قسد” والتي تلقت 2,5 مليار دولار من الأسلحة والتدريب من قبل الولايات المتحدة في السنوات الخمس الماضية.

وفي الوقت نفسه، يتكون المخزون التركي بأكمله من الطائرات المقاتلة من طائرات F-16 التي قدمتها الولايات المتحدة، كما أن أكثر من نصف مركبات تركيا المدرعة من صنع أمريكا، وتجدر الإشارة إلى أن مبيعات هذه الأسلحة كان هناك من هو ضدها، ففي عام 2019 صوت مجلسا الكونغرس والشيوخ ضد بيع الأسلحة للشرق الأوسط وخاصة السعودية بسبب عدوانها على اليمن، طبعاً تم إحباط جهودهم من خلال الفيتو الرئاسي من قبل ترامب.
والسؤال هل ستبقى أمريكا أكبر تاجر أسلحة في العالم؟.
إذا أعيد انتخاب ترامب لا نتوقع أن تتضاءل مبيعات الأسلحة الأميركية للشرق الأوسط، أو أن تضعف آثارها القاتلة في أي وقت قريب، يُحسب لجو بايدن أنه تعهد كرئيس بإنهاء بيع الأسلحة الأمريكية للسعودية ووقف دعم حربها في اليمن، ومع ذلك، بالنسبة للمنطقة ككل، سوف تستمر هذه الأسلحة في التدفق، حتى في ظل رئاسة بايدن، إذ لا تزال شركتا الأسلحة في أمريكا (Raytheon و Lockheed Martin) تعملان بكامل طاقتهما وتصدران الأسلحة وكل هذا على حساب شعوب الشرق الأوسط .
بقلم ويليام دي هارتونج
المصدر Antiwar

آخر الأخبار
تفاوت في أسعار الأعلاف والمنافسة خفضتها في زيارة الوفد السوري للولايات المتحدة.. خبيراقتصادي لـ"الثورة": مبشرة لعودة الاستثمارات ورفع تد... أسرار الصراع على الرسوم الجمركية العالمية.. د. عياش: الهدف فرض نظام ماليٍّ عالميٍّ رقميٍّ بالكامل دلالات سياسية بمضامين اقتصادية.. سوريا تعزز تموضعها الدولي من بوابة " صندوق النقد الدولي والبنك الدو... سجال داخلي وضغوط دولية.. سلاح "حزب الله" يضع لبنان على فوهة بركان لجنة لتسليم المطلوبين والموقوفين في مدينة الدريكيش مصادرة حشيش وكبتاغون في صيدا بريف درعا The NewArab: الأمم المتحدة: العقوبات على سوريا تحد يجب مواجهته إخماد حريق حراجي في مصياف بمشاركة 81 متسابقاً.. انطلاق تصفيات الأولمبياد العلمي في اللاذقية "لمسة شفا".. مشروع لدعم الخدمات الصحية في منطقة طفس الصحية وزير المالية: نتطلع لعودة سوريا إلى النظام المالي الدولي وقف استيراد البندورة والخيار رفع أسعارها بأسواق درعا للضعفين 34 مركزاً بحملة تعزيز اللقاح الروتيني بدير الزور البنى التحتية والخدمية متهالكة.. الأولوية في طفس لمياه الشرب والصرف الصحي    تستهدف 8344 طفلاً ٠٠ استعدادات لانطلاق حملة اللقاح الوطنية بالسقيلبية  بعد سنوات من الانقطاع.. مياه الشرب  تعود إلى كفرزيتا  جولة ثانية من المفاوضات الأمريكية- الإيرانية في روما أردوغان: إسرائيل لا تريد السلام والاستقرار في المنطقة جنبلاط: هناك احتضان عربي للقيادة السورية