هذه أعذار ومبررات واشنطن الواهية لغزو واحتلال الدول!

الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:

كان الصراع الأيديولوجي الرئيسي في العالم بين الرأسمالية والشيوعية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991، وحل محله الصراع الأيديولوجي القائم بين الإمبريالية ومعاداة الإمبريالية مع توسع التحالف العسكري الأميركي للناتو ضد روسيا بعد عام 1991.
بعد ذلك سعت أميركا لضم جميع حلفاء الاتحاد السوفييتي السابق في حلف وارسو إلى حلف الناتو، مثل أذربيجان وجورجيا، ويُنظر إلى الإمبريالية الأميركية في روسيا على أنها تهديد وجودي بشكل متزايد، وهو ما يمثله بالتأكيد الاختلاف الأساسي بين حكومة الولايات المتحدة وحلفائها من ناحية، وبين روسيا والصين وحلفائهما من ناحية أخرى، هو نفس الاختلاف في كلتا الحالتين، فبينما تطلب الولايات المتحدة وحلفاؤها من الحكومات الأخرى اتباع تعليماتهم واعتبار تعليماتهم الخاصة على أنها مطالب أخلاقية (وبالتالي فهي أوامر ملزمة في الواقع بدلاً من مجرد اقتراحات)، ترفض روسيا والصين وحلفاؤهما – من حيث المبدأ – إملاء أي دولة على دولة أخرى، ويعتبرون ذلك عملاً غير أخلاقي على الإطلاق وإمبريالية، وديكتاتورية، وتنمراً، ومعاداة للديمقراطية الدولية – وهم ببساطة لن يقبلوها ويرفضونها رفضاً قاطعاً.
وكذلك الحال بالنسبة للعديد من الدول الأخرى كإيران، وهذا هو الاختلاف الأساسي فالإمبرياليون مقابل المناهضين للإمبريالية، وبعبارة أخرى: تعتبر الولايات المتحدة وحلفاؤها الإمبريالية – الذين أنشؤوا حلف “واشنطن” – أن لهم الحق المفترض في قيادة دولة أخرى ونهب ثرواتها، وهذا الأمر خارج حدود القانون الدولي وغير مقبول وهو اعتداء صريح ضد الدول الآمنة.
نشأ مفهوم “إجماع واشنطن” في عام 1989 ضد (الاتحاد السوفييتي) عندما كان ميخائيل جورباتشوف رئيساً، والذي لم يرغب في استخدام القوة ضد الثورات (التي كان يدعمها إجماع واشنطن) المناهضة للشيوعية في عام 1989، ومن هنا بدأت الحرب الباردة بين الليبرالية والشيوعية، فبعد أن قامت أميركا بتنفيذ العديد من الانقلابات “المناهضة للشيوعية” وكانت أيضاً مناهضة لاستقلال الدول ومناهضة للديمقراطية، مثلاً في تايلاند 1948، وسورية 1949، وإيران 1953، وغواتيمالا 1954، تشيلي 1973، والعديد من الدول الأخرى، وكل هذا من أجل الاستمرار في بناء إمبراطوريتها المزعومة.
ونشأ هذا “الإجماع” للولايات المتحدة وحلفائها من أجل فرض سياسات اقتصادية “ليبرتارية” أو “ليبرالية جديدة”، باعتبارها التزاماً دولياً على البلدان في “العالم النامي” لقبولها وتطبيقها (غالباً ما يطلق عليها “التقشف، “لأنه تقشف لجماهير مواطني ذلك البلد، بحيث يمكن للمستثمرين الأجانب جني الأرباح منه)، وأصبح لهذا “الإجماع” العذر الأيديولوجي الجديد لتوسيع الإمبراطورية الأميركية.
ومع ذلك عندما بدأت جاذبية “الليبرالية الجديدة” تتضاءل (نتيجة لسمعتها الدولية السيئة بشكل متزايد)، كانت هناك حاجة متزايدة إلى عذر جديد فخرجوا علينا بما يسمى “مسؤولية الحماية”، تقديم الحماية للسكان في الدول النامية ، خاصة بعد عام 2000، حيث وجدت أميركا وحلفاؤها عذراً “إنسانيا”ً مزعوماً لفرض عقوبات ضدها، وحتى غزو واحتلال دول مثل العراق وسورية وفنزويلا – البلدان التي صادف أنها رفضت إجماع واشنطن.
يدافع النظام الأميركي عن مبدأ المسؤولية عن الحماية باعتباره دافعاً “إنسانياً” وراء مثل هذه العقوبات والانقلابات والغزو، من أجل تغيير الأنظمة في تلك الدول التي رفضت إجماع واشنطن، مثل روسيا والصين والبرازيل العراق وسورية وفنزويلا.
ظهرت المنظمة الأميركية المناهضة للشيوعية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، والمنظمة البريطانية المناهضة للشيوعية ومنظمة العفو الدولية، كمؤيدين لـ “مسؤولية الحماية” (طبعاً نتيجة السيطرة الأميركية عليهم جميعاً) ومع ذلك، غالباً ما نجح التخريب من قبل الولايات المتحدة في الغزو من دون الحاجة إلى فرض عقوبات (أو ما هو أسوأ).
إن هذه الحماية التي يدعونها ما هي سوى عمليات تخريب، مثال على ذلك البرازيل، فإن ما فعلته أميركا ما هو إلا إنهاء للديمقراطية في البرازيل وسجن شعبية الرئيس المنتخب ديمقراطياً، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا واستبداله بالنظام اليميني المتطرف المؤيد للنظام الأميركي، وكان ذلك من أجل انتزاع الأموال من فقراء البرازيل التي يجب دفعها للمستثمرين الأجانب لشراء وتجريد تلك الدولة، وفقاً لإملاءات صندوق النقد الدولي وبقية “إجماع واشنطن”.
كان تركيز النظام الأميركي على “الفساد” محورياً في “تبرير” الإطاحة بلولا دا سيلفا، هذا مثال على عذر آخر تستخدمه الولايات المتحدة وحلفاؤها من أجل “تبرير” إمبرياليتهم.. إنها حملة أميركا العالمية “لمكافحة الفساد”. لقد أسس وكلاء المليارديرات الأميركيين منظمة الشفافية الدولية في نفس الوقت الذي فعلوا فيه إجماع واشنطن، كوسيلة للتلاعب في تصنيفات الفساد في البلدان، حتى يتمكن البنك الدولي من “تبرير” فرض أسعار فائدة أعلى على الدول التي تهدف الأرستقراطية الأميركية إلى غزوها (بغض النظر عما إذا كان ذلك الغزو عن طريق التخريب – كما هو الحال في البرازيل – أو عن طريق العقوبات أو الانقلاب أو الغزو العسكري)، وتحول هذا العذر الأيديولوجي القديم المسمى “إجماع واشنطن” إلى “مسؤولية الحماية” (أو كما قال أحد أبطالها، “السيادة مفهوم عفا عليه الزمن” وبالتالي يجب تجاهله) وقد أصبح الدافع المزعوم بشكل متزايد على “مكافحة الفساد”. 

بغض النظر عن العذر، بقيت النية الفعلية في احتلال الدول دون تغيير وكانت تجد الأعذار كما تشاء دون رادع على الرغم من أن جميع الدول تشترك في وجهة نظر مفادها أن المسائل الدولية تتطلب اتفاقيات دولية وقوانين دولية لحماية أي دولة من التدخلات الخارجية مهما كانت.
في الواقع إن الإمبريالية هي التي تقوم بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وبالتالي تنتج حروباً، وهي حروب تدميرية لدول آمنة – تهدف إلى توسيع سيطرة الدولة المهاجمة، حتى تمتد إلى أراضٍ إضافية. هذه سرقة دولية يقودها كل من أميركا وحلفائها الليبراليين. بالمقابل إن روسيا والصين وحلفاءهما يرفضونه بشكل قاطع ويعتبرونه انتهاكاً لسيادة أي أمة – بينما الدول الموالية للإمبريالية تعتقد أنه أمر جيد.
ما يقسم العالم اليوم سياسياً هو بالضبط هذا الاختلاف: الإمبريالية مقابل معاداة الإمبريالية – وليس الرأسمالية مقابل الاشتراكية. (في الواقع فإن بعض البلدان مثل تلك الاسكندنافية، مزيج من الرأسمالية مع الاشتراكية، والحفاظ على مستويات أعلى من الديمقراطية مما تفعله الدول الأكثر تشدداً أيديولوجياً ورأسمالية محضة مثل الولايات المتحدة) لذلك ليس هناك (ولم يكن هناك أبداً) أي ارتباط ضروري بين الديمقراطية من ناحية، والرأسمالية مقابل الاشتراكية من ناحية أخرى. لقد كان من نسج خيال الدعاية للمتحالفين مع الولايات المتحدة – كذبة – الإيحاء بأن الرأسمالية تتماشى مع الديمقراطية. كانت ألمانيا النازية رأسمالية، كانت إيطاليا الفاشية رأسمالية، كانت اليابان الإمبريالية رأسمالية، لكنهم جميعاً كانوا ديكتاتوريات، وليسوا ديمقراطيات على الإطلاق.
إن “الإمبريالية هي قانون الحياة الأبدي وغير القابل للتغيير في الأساس، إنها ليست سوى الحاجة، والرغبة، والإرادة للتوسع والسيطرة، التي يمتلكها كل فرد أو شخص حي. والآن أصبح “القانون الدولي” كما يريده النظام الأميركي، يمكن محاكمة “الدكتاتوريين الغزاة” في كل العالم، لكن الغزاة الديكتاتوريين الأميركيين و”الإسرائيليين” الذين يقودون عدداً كبيراً من عمليات القتل الجماعي والتدمير الممنهج للدول لا أحد يستطيع محاسبتهم.
اريك زويس
Strategic Culture

آخر الأخبار
انتهاء العملية العسكرية في الساحل ضد فلول النظام البائد..  ووزارة الدفاع تعلن خططها المستقبلية AP News : دول الجوار السوري تدعو إلى رفع العقوبات والمصالحة فيدان: محاولات لإخراج السياسة السورية عن مسارها عبر استفزاز متعمد  دول جوار سوريا تجتمع في عمان.. ما أهم الملفات الحاضرة؟ "مؤثر التطوعي".. 100 وجبة إفطار يومياً في قطنا الرئيس الشرع: لن يبقى سلاح منفلت والدولة ضامنة للسلم الأهلي الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا هدوء حذر وعودة تدريجية لأسواق الصنمين The NewArab: الشرع يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب سوريا "The Voice Of America": سوريا تتعهد بالتخلص من إرث الأسد في الأسلحة الكيماوية فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا استفزاز جامعة دمشق تختتم امتحانات الفصل الأول حين نطرح سؤالاً مبهماً على الصغار تكلفة فطور رمضان تصل إلى 300 ألف ليرة لوجبة متواضعة Anadolu Agenci : فورد: يجب على أميركا أن تسحب قواتها العسكرية من سوريا دوري أبطال أوروبا.. الكبار يقطعون نصف المشوار بنجاح "باب سريجة".. انخفاض في المبيعات على الرغم من الحركة الكثيفة مجلس الأمن الدولي: محاولات إقامة "سلطة حكم موازية" في السودان أمر خطير أبناؤنا واللامبالاة.. المرشدة النفسية السليمان لـ"الثورة": ضبط سلوكهم وتحمل المسؤولية منذ الصغر محافظ اللاذقية يتفقد فرع الهجرة والجوازات وأمانة السجل المدني