الملحق الثقافي: عقبة زيدان :
أثبت الفن الواقعي أنه ليس الأدب الأكثر رفعة وجمالاً. وليست رواية «الأم» لمكسيم غوركي هي رواية جميلة، وربما تكون الأردأ بين أعماله الأدبية، هذا إذا قارناها مثلاً بروايته الأسطورية «حياة ماتفي كوجيمايكين»، تلك الرواية التي ترتفع إلى مستوى السرديات الرفيعة والفريدة في قصها وفي أفكارها.
ما هو معيار الواقعية؟ أليست «مائة عام من العزلة» هي أكثر تأثيراً في القرن العشرين من الأدب الأيديولوجي – المسمى واقعي؟ هل نحن مجبرون على احترام الأدب الواقعي، حتى وإن لم يكن جميلاً ومقنعاً فنياً؟
برأيي، ليس هناك من أدب واقعي أو سحري أو رومانسي؛ هناك أدب وفقط؛ أدب يغيّر حياتنا، ينذرنا بأن الواقع رديء وقاس ويحطم قلوبنا في كل لحظة؛ أدب يرفع من شأن الإنسان ككائن لا يدرك على أي أرض يضع قدميه.
أليست «الدون كيخوته» عملاً أصيلاً في فنيته وفي أفكاره، وفي سخريته الرائعة من القيم الإنسانية الزائلة أمام القيم النبيلة؟
يتمترس الأيديولوجيون خلف شعار الواقعية، معتبرين أن الأدب يجب أن يصور الواقع بشكل مباشر، متناسين أن الكاميرا والبيان السياسي يمكن أن يؤديا الغرض. وتراهم يشيدون بكل ما هو واقعي، من دون أن يقترب من الجماليات.
الفن عموماً، هو إنتاج يسعى إلى خلاص الإنسان المهزوم في هذا الكون البشع، ولا يكون هذا الخلاص بأدوات هشة، لأن قسوة العالم تحتاج إلى براعة هائلة ومستوى عالٍ من الجمال والفتنة.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء10-11-2020
رقم العدد :2020