الثورة أون لاين – فؤاد الوادي:
منذ بدء الحرب الإرهابية على الدولة السورية ، كان واضحاً استخدام ورقة اللاجئين من قبل معسكر الإرهاب كجزء من استراتيجية الحرب التي لا تزال تشن عليها بهدف إخضاعها وتدميرها وتقسيمها ، ومن ثم نهبها وسلبها خيراتها وثرواتها .
الغرب الاستعماري جسَّد على الأرض وبشكل حقيقي وممنهج استخدام هذه الورقة الإنسانية للضغط على دمشق للخضوع والاستسلام وتقديم التنازلات سواء في الميدان أو على الطاولة السياسية ، حيث بدا الأمر وكأنه تجارة واستثمار في ورقة اللاجئين وبمختلف الأشكال والمستويات ، لاسيما الشكل السياسي الذي كان يجسد خلفيات وأبعاد الحرب الإرهابية التي تشن على الشعب السوري .
من أعماق البحار كانت مأساة اللاجئين السوريين تشق طريقها نحو السطح مع كل تطور ميداني أو سياسي ، حيث كانت المعاناة المروِّعة تتجلى موتاً وغرقاً وانتظارا لآلاف اللاجئين على عتبات وحدود هذه الدولة أو تلك ، بانتظار القرار السياسي لإدخالهم، والذي كان بدوره – أي القرار السياسي – يخضع لاعتبارات سياسية كانت تشكل عاملاً ضاغطاً على معظم دول الاتحاد الأوروبي التي كانت شريكاً أساسياً في الحرب الإرهابية على الشعب السوري .
ومع كل انتصار وإنجاز للدولة السورية في الميدان أو في السياسة ، كانت ورقة اللاجئين يدفع بها إلى السطح لجعلها مطية لكسر إرادة الدولة السورية التي لا تزال تؤكد أن حل قضية اللاجئين بأبعادها وتقاطعاتها وتعقيداتها هي أولوية ، وهي قضية أساسية لديها ، وهي تسير بالتوازي مع عدة قضايا وقرارات أخرى ، خاصة قرار الحرب على الإرهاب وداعميه حتى تطهير كامل التراب السوري من رجسه ونجسه ، هذا الأمر أكده السيد الرئيس بشار الأسد بالأمس عندما قال : إن قضية اللاجئين قضية إنسانية وقضية وطنية ، وهذا الموضوع أولوية بالنسبة لنا كحكومة خلال المرحلة القادمة ، خاصة بعدما تم تحرير جزء كبير من الأراضي ، وانحسار رقعة المعارك بالرغم من استمرار الإرهاب .
لقد ظهر استخدام ورقة اللاجئين كنوع من الابتزاز والضغط والاستثمار المتبادل بين أطراف العدوان على سورية بعيد امتلاك الدولة لزمام المبادرة في الميدان ، أي بعد تحرير وتطهير معظم الأراضي السورية من المجموعات والتنظيمات الإرهابية ، حيث دفع هذا الأمر بتلك الأطراف إلى استخدام ورقة اللاجئين من أجل تعديل كفة الموازين على الأرض ، وقلب المعادلات والقواعد الميدانية ، فكان الغرب والولايات المتحدة أول المباركين والداعمين للنظام التركي الحليف والشريك في إراقة دماء الشعب السوري في احتلاله لأراض سورية ، وهذا الأمر انكشف لاحقاً عندما بدأ رأس النظام التركي بتهديد حلفائه الأوروبيين بفتح الحدود أمام اللاجئين باتجاه أوروبا إن لم يحصل على الدعم المادي والسياسي والعسكري ، ما اضطر الكثير من دول الاتحاد الأوروبي إلى الموافقة على شروطه ومطالبه ، لاسيما حيال دعم عدوانه على الشمال السوري والذي أدى إلى تهجير مئات آلاف السوريين من مدنهم وقراهم التي اجتاحها جنود الاحتلال التركي .
أغلب دول الاتحاد الأوروبي أغلقت أبوابها في وجه اللاجئين السوريين – إيطاليا ، المجر ، صربيا ، كرواتيا ، فرنسا ، إسبانيا ، النمسا ، حتى ألمانيا التي فتحت حدودها أمام اللاجئين في مرحلة من المراحل ، كان ذلك لغايات الاستثمار في علاقاتها المتوترة مع بعض شركائها في الاتحاد الأوروبي ، وهذا الأمر زاد من معاناة آلاف اللاجئين العالقين على الحدود وفي ظروف صعبة و غير إنسانية ، ناهيك عن المئات الذين لاقوا حتفهم غرقاً في البحر خوفاً من القيود المفروضة عليهم من دول الاتحاد الأوروبي .
إن قضية اللاجئين السوريين ، بالنسبة لسورية هي قضية إنسانية ووطنية محضة ، ولا تحتاج لحلها إلا لجهود خالصة ومخلصة من الأطراف الأساسية التي كانت سبباً رئيساً فيها ، بعيداً عن مواصلة الخداع والابتزاز والاستثمار فيها كورقة ضغط وابتزاز ، وكأسلوب قذر من أساليب الحرب على الشعب السوري