الثورة أون لاين – سعاد زاهر
لاتزال رائحة الحرائق التي عاشتها سورية خلال الأشهر الماضية ، عالقة في أنوفنا ، وصورها الكارثية تراود مخيلتنا.. استطلاع صحيفة الثورة الدوري ، اختار هذا الاسبوع طرح سؤاله حول حرائق الغابات…على الشكل التالي :
الحرائق الأخيرة التي اندلعت في محافظات ، حماة ، حمص ، طرطوس ، اللاذقية ، هل هي حرائق .. مفتعلة ، إهمال وتقصير ، طبيعية ؟
وبالطبع لم يكن مفاجئاً أن تكون أعلى نسبة تصويت لصالح الحرائق مفتعلة (74%) ، ثم تلتها نسبة (21%) إهمال وتقصير ، وأخيراً نسبة (5%) طبيعية .
اللغة الرقمية التي اعتمدناها توحي أين يتجه الراي العام ، وماهي قناعته حيال مفتعلي الحرائق ، وعلى ما يبدو أن قناعته الكبرى أنها مفتعلة ، فما السبب ، لماذا اختارت النسبة الأكبر من المصوتين ، أن يشاركوا لصالح مفتعلة..؟
صحيح أننا كنا نشهد سنوياً حرائق في بعض الأماكن الحراجية ، لكن الأمر المختلف هذا العام هو امتدادها لتصل حتى المنازل وتتمكن من تهجير ما يقارب (28) ألف أسرة ، أي حوالي 140 ألف شخص ، تضررت بمنازلها و ممتلكاتها و أراضيها الزراعية .
كما امتدت إلى مئات الهكتارات في أرياف محافظات اللاذقية وطرطوس في الغرب وحمص في الوسط ، بحيث كنا أمام أكبر سلسلة حرائق عاشتها سورية على مر السنين ، والذي يرجح حالة أنها مفتعلة أنها حدثت ليلاً وفي مناطق متباعدة ، وتوقيت متقارب ، فقد اندلع أكثر من مئة حريق في الوقت نفسه على امتداد الساحل السوري ، الأمر الذي كان له أثر كبير جداً على البيئة والغطاء الحراجي في محافظات حماه وحمص وطرطوس واللاذقية .
إنها المرة الأولى التي تعيش فيها تلك المناطق مثل هذه الحرائق وبهذا العدد وهذه الكثافة وبالطبع فإن الخسائر خاصة البيئية كارثية ، وقد يمضي وقت طويل جداً قبل أن تعوض .
لسنا في وارد تقييم الأضرار ، أو تحليل الدوافع ، إنما ما يهمنا هو كيف يرى الناس أسباب تلك الحرائق ، فإن كانت النسبة الأكبر جاءت مفتعلة ، تلتها نسبة (21%) إهمال وتقصير ، وأخيراً نسبة (5%) طبيعية .
ربما سبب أن تحل نسبة الإهمال والتقصير بالدرجة الثانية ، أن أماكن عديدة طالتها الحرائق بقيت يومين وربما أكثر وهي تشتعل ، إضافة إلى معطيات أخرى تتعلق بطبيعة حماية هذه الأراضي الحراجية ، ومنع يد التخريب والنيران من التهامها ، بشتى الطرق ، و هو ما نتمنى أن يحدث ابتداء من اليوم ، فما حدث كارثي وأذاه عميق ولا ينسى .. ويفترض ألا يتكرر ..
ولكن ما يدعو رغم كل شيء إلى التفاؤل .. هذه الصلابة التي يتمتع بها بشر غدرت النيران بهم وهم نيام .. ومع ذلك عادوا إلى منازلهم المحروقة يرممونها ، و إلى أراضيهم ينهضون بها من وسط الرماد ، لا يشبهون سوى أشجار الزيتون والسنديان التي ستعاود اخضرارها بالتأكيد