يُغرق كثير من الأهل أطفالهم بطلباتهم وأوامرهم التي لا تنتهي، والتي يصنفها خطأً أو جهلاً بعض الآباء والأمهات في خانة (إطاعة أوامر الوالدين)، وهذا ما يشكل انتهاكاً غير مقصود لحقوق الطفل وابتزازاً لطفولته وبراءته من أقرب المقربين له.
في زيارة عائلية لأحد الأقارب، لم يكد طفلا تلك العائلة البالغان من العمر ٦و ٨ أعوام يرتاحان حتى قام أحد والديهما بالطلب منهما إحضار شيء ما من المطبخ أو من البقالية، من دون أدنى اعتبار لطفولتهما وقدرتهما الجسدية والنفسية على تحمل تلك الطلبات والأوامر المستمرة التي لم تنتهِ طوال تلك الجلسة.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن بعض الآباء والأمهات يجبرون أطفالهم على تلبية طلباتهم وأوامرهم، حتى أن الكثير من الأهل يقومون بتوبيخهم وضربهم إذا لم ينفذوا أوامرهم ويلبوا احتياجاتهم! وهذا بحد ذاته يعد منتهى الاستهتار الأسري بحق الطفل الذي غالباً ما ينصاع ضعفاً ورهبة وخوفاً لتلبية أوامر والديه.
ما يتوجب علينا فهمه كأهل أن أبناءنا وأطفالنا هم إحدى النعم الكبرى التي أعطانا إياها الله تعالى، لذلك يجب أن نحفظ هذه النعمة وأن نراعيها ولا ننتقص من إنسانيتها، ذلك أن الطفل الصغير هو عبارة عن كتلة من المشاعر والأحاسيس البريئة التي تتأثر بشكل سلبي بكل ما لا يتفق مع براءتها ونقائها، وبالتالي فإنها يمكن أن تتأثر جداً تحت وطأة الاستغلال الأسري المفرط والمغلف بطابع إنساني وأخلاقي وهو (طاعة الوالدين).
من الخطأ الجسيم وغير المقصود أن يحول الأهل أطفالهم إلى ما يشبه (العبيد) لتنفيذ أوامرهم ورغباتهم، أو إلى مجرد (روبوتات) بلا مشاعر وأحاسيس تنفذ وتعمل ما يطلب منها من دون رفض أو تمنع أو حتى مناقشة، لأن ذلك من شأنه أن يترك عندهم أثراً سلبياً إن لم يظهر مباشرة فسوف يظهر في المستقبل، وهذا مكمن الخطورة على الطفل والأسرة والمجتمع.
عين المجتمع – فردوس دياب