مجدداً، يعود الحديث عن العنف بين التلاميذ والطلاب ليطفو على السطح وبقدر عال من الأهمية والضرورة التي يتوجب الانتباه إليها ومعالجتها من جذورها، ومعرفة ودراسة أسبابها الحقيقية.
فما تشهده بعض مدارسنا من عنف متصاعد بين التلاميذ، بات ينذر بمزيد من النتائج والآثار الخطيرة التي قد لا تؤجل حدوثها إلى المستقبل، كما حصل لطالب في ثانوية النقيب في محافظة طرطوس قبل أيام عندما قام زميله بطعنه ثلاث طعنات في صدره بسكين حادة، كادت أن تودي بحياته لولا العناية الإلهية!!.
أسباب كثيرة متشابكة ومتداخلة وراء ظاهرة العنف (غالباً ما تحدث في الفرصة أو بعد الانصراف والخروج من المدرسة، وتكون على شكل ضرب وشجار ومشادات جسدية وكلامية، قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى أذيات جسدية كبيرة)، تبدأ من المنزل والأسرة، ولا تنتهي في المدرسة والمجتمع والظروف الاجتماعية المحيطة، لكن وبغض النظر عن ذلك كله، فإن الأمر بات بحاجة إلى معالجة حقيقية لهذه الظاهرة التي تزداد بشكل مضطرد، وعلى أعين المعلمين والمعلمات، هذا في حال كانوا متواجدين أصلاً!
إن مسألة العنف بين طلاب وتلاميذ المدارس، تحتاج قبل كل شيء إلى حملات توعية بين التلاميذ أنفسهم تضعهم أمام خطورة هذا الموضوع، وبالتوازي تحتاج إلى قرارات صارمة من وزارة التربية إلى كل الكوادر الإدارية و التدريسية والتوجيهية بضرورة مراقبة هذا الموضوع عن كثب والتصدي له والسيطرة عليه وعدم الاستهتار بخطورة تداعياته، وللتذكير فقط فإنه قبل نحو عام ونصف العام توفي تلميذ بعد ضربه من قبل زميله داخل باحة مدرسته بقرية البياضية بمحافظة حماة، وبعدها بأربعة أشهر وفي إحدى مدارس اللاذقية، تم استئصال الطحال لطفل في الصف الخامس الابتدائي بسبب تعرضه للضرب من قبل أقرانه بعد مشاجرة بينهم خلال الفرصة، وعلى إثر ذلك أطلقت وزارة التربية في ذلك الوقت (الحملة الوطنية للسيطرة على العنف) من منزل المتوفى، ليبقى السؤال، هل ما تزال تلك الحملة قائمة وموجودة؟، أم أنها كانت مجرد استعراض وردة فعل بددها النسيان وعدم المتابعة!؟.
نكرر ما أخبرنا به أحد مديري المدارس ذات مرة تعليقاً على هذه الظاهرة، عندما قال وبنوع من التهكم المحزن: إن كميات القطن والشاش التي يستخدمها لتطبيب التلاميذ المصابين من العنف والمشاجرات، أكثر بكثير من القرطاسية المستخدمة لتعليمهم!؟.
عين المجتمع – فردوس دياب