في تناقض واضح لمستوى الأداء وسوية العمل، تنظم الجمارك حملات ضد الأسواق لضبط المهرّبات والمخالفات فيها، وهي خطوة محمودة ومطلوبة لمصلحة المواطن ووضع حد لجشع التجار والمهرّبين، ولكن غياب هذه الحملات وسباتها يلغي كل ما سبق من جهود.
أنْ تلاحق الجمارك بائعاً هنا ومحلاً هناك، فذلك أمر قد يبدو للوهلة الأولى جيداً، ولكن وبقليل من التفكير فهذا البائع هو مجرد نتيجة أو أداة وليس سبباً، فهو مصدر تصريف المهرّبات التي توزع عليه كما اأمثاله، الأمر الذي يفرض منطقاً يستوجب التدقيق لمعرفة مصدر هذه المهرّبات وتوقيفه.. على اعتبار التهريب جريمة..!!.
وعلى المقلب المقابل يلحظ المواطن مشكلة أزلية بين الجمارك وتوليفة أنواع البسكويت والشوكولا المخصصة للأطفال والموجودة تهريباً لشدة رغبة أطفالنا، بها كما رغبناها نحن في ثمانينيات القرن الماضي، في حين يمكن قبول وجود المهرّبات من طعام القطط والكلاب والجلديات وأنواع الملابس والأحذية والساعات وحتى -في بعض الأحيان- المجوهرات..!!.
الجرم لا يتجزّأ، ولا يمكن قبول جزء منه وملاحقة جزء آخر، في وقت نرفع فيه شعار دعم الإنتاج الوطني وحمايته حتى يشتد عوده ويقوى على المنافسة الداخلية تمهيداً للخارجية منها، ناهيك عن تهرّب المهرّبين من الضريبة.. وفقاً للقواعد التي وضعتها المالية.. للجانها طبعاً..
وضمن ذات السياق وبالمنطق لا القانون لا يمكن لوم من يرغب بسلعة أجنبية بالنظر إلى جودتها رغم سعرها المرتفع، تبعاً لارتفاع أسعار السلع المحلية بجودة قد توجد متدنية وقد لا توجد على الإطلاق، وهو أمر نجم عن نوع من الاحتكار غير الظاهر الذي يمارسه الصناعيون في أسواقنا على اعتبار منتجاتهم هي الوحيدة الموجودة..
الحل الوحيد هو بمتابعة الجودة على أرض المعامل والورشات من خلال عينات عشوائية، بدلا من متابعته بالصدفة في المحال ومعارض البيع، لأن ضبط قطعة لا يعني انتفاء تدني الجودة في عشرات الآلاف غيرها، وهو دور تبدو فيه مسؤولية وزارتي التجارة الداخلية والصناعة واضحة جليّة..
الإنتاج هو المخرج الوحيد لنا باتجاه النمو والتنمية الاقتصادية، وهو مخرج لا يمكن الوصول إليه ما لم يقتنع المواطن السوري أولاً بسلعته ويقبل عليها..
الكنز- مازن جلال خيربك