أغرقتنا أعوام الحرب بأمواجها العاتية، وحملتنا بعيداً إلى أعماق التفكك الاجتماعي والأسري الذي كان سبباً إضافياً في الكثير من أوجاعنا ومآسينا وابتعادنا عن قيمنا ومحبتنا وأخلاقنا.
قد نتفهم ونستوعب أن إنساناً يسرق بدافع الحاجة أو الفقر نتيجة الظروف الصعبة التي نعيشها جميعا بسبب ظروف الحرب والحصار والعقوبات الأميركية والغربية، وقد نتفاجأ أو نحزن عندما نسمع أن إنساناً قتل آخر بدافع السرقة بسبب الشقاء و الضنك، وقد نُصاب بذهول ووجع عندما نعرف أن فلاناً قتل أخاه أو أباه أو فرداً من عائلته بسبب العوز، لكن أن نصل إلى مرحلة أصبح بعضنا يرمي فيها أبناءه على الأرصفة، أو على عتبات المساجد والكنائس، فهذا أمر أكبر من أن نتصوره، وقد نحتاج سنوات وسنوات حتى نتعافى منه!!.
بغض النظر عن كل الظروف العصيبة التي تلفنا جميعاً، فإنه لا يوجد أي مبرر لهذا الانهيار الأخلاقي والقيمي الذي يهوي بسرعة مفرطة نحو القاع، بل على العكس من ذلك، فإنه يتوجب علينا جميعاً، مؤسسات وأفراد ومجتمع أن نتكاتف لنقف ونصمد في وجه هذا الطوفان العالي الذي قد يغرقنا جميعاً دون رحمة.
فلنوقظ ما نام من مشاعرنا، ولنسترجع ما هاجر من قيمنا وأخلاقنا إلى قلوبنا التي بدت أشبه بالحجارة الصلدة التي لا تتأثر بكل تلك الأوجاع التي لا تزال تنهمر بغزارة على أرواحنا.
عين المجتمع -فردوس دياب