الولايات المتحدة تواجه اليوم سلسلة هزائم وإخفاقات عسكرية وسياسية في أكثر من مكان في العالم، وهذا يدفعها للتصرف كالوحش الجريح على الساحة الدولية للحفاظ على هيمنتها، وعلى مصالحها الاستعمارية، والأمر الأكثر خطورة، ما كشفته الأدلة والوثائق الأخيرة حول وجود أكثر من 30 مختبراً بيولوجياً أنشأتهم الولايات المتحدة في أوكرانيا، الأمر الذي يؤكد المساعي الأميركية الحثيثة للاعتماد على مواد بيولوجية وتحويلها إلى سلاح فتَّاك يهدد أمن البشرية جمعاء.
واشنطن، وبحسب الأدلة الروسية، اختبرت في أوكرانيا أحدث تكنولوجيات الأسلحة البيولوجية على البشر والحيوانات والنباتات، وهذا انتهاك صارخ للقانون الدولي لحقوق الإنسان من جهة، ولكل الأعراف والقوانين الدولية ذات الصلة بحظر تطوير وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية من جهة ثانية، والأخطر من ذلك، هي المعلومات الموثقة التي سبق وكشف عنها بيان روسي صيني مشترك في تشرين الأول الماضي، والتي تؤكد نشر واشنطن ما يربو على 200 مختبر بيولوجي خارج أراضيها، وأن تلك المختبرات تعمل في صمت تام، وبعيداً عن أي شفافية، الأمر الذي يثير الكثير من المخاوف الدولية، وعلامات الاستفهام حول أهداف الولايات المتحدة من إقامة مئات المختبرات البيولوجية السرية خارج أراضيها.
لا شك بأن إقامة الولايات المتحدة لتلك المختبرات ليس أمراً عبثياً، وإنما لإنتاج أسلحة جرثومية فتاكة، كوسيلة تهدد بها أي دولة تعارض سياساتها العدوانية، وإقامة هذه المختبرات السرية خارج الأراضي الأميركية، هو بكل تأكيد لإبعاد الشبهة عن صانعي الموت الأميركيين، ولكي تكون الأنشطة النووية البحثية بعيداً عن أنظار المجتمع الدولي، وأيضا لكي تنأى واشنطن عن أي خطر ناجم عن تلك الاختبارات السامة، ما يعني أن الولايات المتحدة لا تكترث بالمطلق لصحة وأمن البشر الموجودين خارج أراضيها، حتى ولو كانت حكوماتهم من حلفائها ومؤيدي سياساتها الاستعمارية.
الأمم المتحدة ما زالت تتعامى عن وجود المختبرات البيولوجية الأميركية في أوكرانيا وغيرها من الدول، وهذا انعكاس واضح لسياسة المعايير المزدوجة التي تمارسها المنظمات والهيئات الدولية، وعلى رأسها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وهذا ليس مستغرباً، بحكم أن هذه المنظمة لا تزال تمثل النموذج الصارخ للأدوات الغربية، حيث يتماهى دورها مع أجندات رعاة الإرهاب الدولي، والقائمين عليها لا يعملون وفق أنظمتها وقوانينها المحددة، وإنما وفق أوامر وتعليمات بعض الدول المهيمنة على آلية عملها وقراراتها، وعلى رأس تلك الدول “أميركا وبريطانيا وفرنسا”، وفي حال استمرت هذه المنظمة بتبعيتها وارتهانها للقرار الأميركي ستبقى شريكاً للولايات المتحدة في جرائمها بحق الإنسانية جمعاء.
نبض الحدث – بقلم أمين التحرير ناصر منذر