الثورة اون لاين – نهى علي:
تتجه أنظار السلطة التنفيذية هذه الأيام إلى الاستفادة من المؤسسات التعليمية ومخرجاتها البحثيّة لتطوير القطاعات الإنتاجية من جهة، ثم لتصويب أساليب وأدوات صناعة القرار من جهة ثانية.
وهو التوجّه الذي لخّصه وزير التعليم العالي بسام ابراهيم في تصريح إعلامي، بالإشارة إلى ضرورة دعم المعاهد في العملية التعليمية أولاً، وفي تقديم الدراسات والاستشارات ثانياً لتأخذ دورها الحقيقي في العملية البحثية، معتبراً أنه لا فائدة لأي بحث إن لم يرتبط بسوق العمل، لذلك تكمن مهمة وزارة التعليم في الربط بين الوزارات والقطاع الخاص مع السوق وحاجته بحيث يمكن تطبيق الدراسات.
بالفعل نبدو حالياً بأمسّ الحاجة إلى وضع أسس لمعالجة الأزمات التي نعاني منها، ومن الضروري اليوم قراءة واقع معيشة المواطن بغية تصويب الأخطاء وطرح الأفكار وتوجيهها إلى الجهات المعنية للمعالجة، إذ يعتبر الخبراء في الاقتصاد أن توصيف الوضع المعيشي اليوم يختلف عن أي من السنوات السابقة، وكذلك الأفكار المطروحة.
ويأتي هذا التوجه بعد سلسلة اجتماعات وندوات مكثّفة، اجتهدت لتشخيص الوقائع الصعبة، تم خلالها عرض بيانات وشروحات للواقع الحالي في مجالات الصناعة والزراعة والموارد البشرية وغيرها من مفاصل الاقتصاد، مع الإضاءة على الأسباب الفعلية للتراجع في تلك القطاعات التي سبقت الحصار بأعوام، على اعتبار أن إيجاد حلول يحتاج إلى العودة إلى مكامن الخلل وعدم تحميل كل شيء للحصار.
وفي السياق أشار خبراء إلى أن معدلات النمو الاقتصادية العالية سُجّلت في 2010 إلا أنه وقياساً إلى السياسة السكانية حينها اقتصر هذا النمو على 22% فقط من السكان ما أوجد فجوة بين المكوّن السكاني والاقتصادي، غُطّي ظاهرياً بمعدلات الاستهلاك الكبيرة لفترة من الزمن إلا أنه بعد الحرب تفجّرت فروق طبقية هائلة نتيجة خلل توزيع الموارد والتقسيم الإداري السيّئ.
ويقدم آخرون مقارنة بين الخطة الخمسية التاسعة (2002-2006) والعاشرة (2006-2010) في المجال الزراعي، التي تبيّن من خلالها أن القطاع الزراعي بشقية النباتي والحيواني شهد تراجعاً كبيراً في الأعوام الأخيرة قبل الحرب، فالأرقام في 2010 تراجعت في مختلف المجالات عما كانت عليه في 2002، ومردّ هذا الأمر قصور التخطيط وعدم تطوير الصناعات التحويلية والغذائية، وتراجع مشاركة القطاع العام إلى 5 بالألف في الزراعة، وغياب شركات الإنتاج الزراعي.
ويتقاطع ذلك مع اعترافات وردت على ألسنة تنفيذيين، أشاروا إلى التحديات الحالية المتمثلة بتأمين مدخلات الإنتاج، واستعادة رؤوس الأموال المهاجرة، وتأمين فرص العمل، والتسويق الصحيح للمنتجات.
في العموم يركز التوجه الجديد، على تأمين ما يضمن زيادة الإنتاج الزراعي والصناعي على اعتبار أنه السبيل الوحيد لتحسين سعر الصرف، وذلك من خلال السعي للحصول على قروض أو منح لإعادة تأهيل الشركات الصناعية المدمّرة والمتضررة، ومنح القروض المصرفية اللازمة لإعادة تأهيل الشركات الصناعية في القطاع العام والخاص والمشترك، وإيقاف استيراد السلع الكمالية، ورفع أجور العاملين في الدولة، إضافة إلى التركيز على تحصيل إيرادات الموازنة العامة للدولة والضرائب ولا سيما من كبار المكلفين.
وتبدو المهمة صعبة نوعاً ما، إن لم تجرِ مواكبتها بمشاركة مجتمعية فاعلة، فالتوجهات الجديدة ليست حكومية خالصة بل تحتاج إلى تفاعل من قبل كل مؤسسات الدولة، ثم الأهم تفاعل المنتجين على الأرض والعاملين في مطارح الإنتاج، وكذلك أصحاب العلاقة في المؤسسات التنفيذية، والمراكز البحثية.
فلطالما جرى إهمال النتاج العلمي والبحثي لمؤسساتنا التعليمية، من أطروحات الماجستير والدكتوراه، وكذلك الأفكار والرؤى المكثفة والغزيرة التي تحفل بها كوادر المعاهد التقانية.