تتفاقم أزمة النقل والمواصلات يوماً وراء يوم ، ومن خلالها يضيع الكثير من الوقت والعمل وتتبدّد الفرص ، وهذه كلها نحتاجها اليوم لتُشكّل كتلة أشياء ننعش فيها حياتنا التي غدت أكثر من بائسة .
لا شك بأنّ ما يجري في سورية وعليها من الأعداء المتربصين وحصارهم وعقوباتهم ساهم إلى حدٍّ بعيد في خلق هذه الأزمة ، غير أن الأمور لا تستقيم أبداً أن نكتفي بمجرد التشخيص والتفرّج على هذه الأزمة دون المبادرة إلى اتخاذ إجراءات للتخفيف ما أمكن منها .
لم نجد أي جهة من الجهات الحكومية ، ولا أي رجل أعمال ، ولا أي غرفة تجارة أو صناعة بادرت بالذهاب نحو حلّ هذه الأزمة اللامعقولة اليوم ، على الرغم من أن الاستثمار في النقل من أكثر الاستثمارات الخدمية المربحة ، فما أن يقلب دولاب الباص أو السيارة إلاّ وتبدأ ينابيع الدخل بالتدفق مباشرة ، وهو استثمار مربحٌ جداً بالأحوال العادية ، فكيف بمثل ما نحن فيه من أزمةٍ وازدحام ..؟!
في أغلب المحافظات السورية هناك شركة عامة للنقل الداخلي ، ليس من الصعب رفدها بالعديد من الباصات الجديدة رغم كل الصعوبات ، من الدول الصديقة ، ولا شك بأنهم يسهّلون علينا استقدامها ، وهذه من أفضل الحلول ، لأن اعتماد النقل الجماعي يوفر الكثير من الجهد والمال والوقود ، كما يوفّر علينا كمواطنين دفع الأجور الباهظة التي يقتنصها منّا سائقو الكثير من السرافيس والتكسي ، إذ يفرضون علينا أضعاف الأجور الموضوعية والمعتدلة .
وفي إطار الجهود الحكومية الممكنة والمنسيّة في هذا المجال كان يمكن للمحافظات أن تتيح المجال للسيارات الصغيرة كي تعمل وبشكلٍ مريحٍ ومنظم على شكل ( سرفيس تكسي ) بين الأحياء وبين الريف والمدينة ، وكم وعدتنا محافظة دمشق – مثلاً – ومنذ سنوات باعتماد هذا الأسلوب في النقل ، حتى إنها رسمت خطوطاً موضوعية جداً تسلكها هذه السيارات لتنقل سعتها بشكل جماعي دون أن يتورّط المواطن كما هو عليه حالياً بابتزازات السائقين غير المعقولة ، ولكن كالعادة كلام معسول دون فائدة وواقع مرير يكابده الناس في كل يوم .
وفي كل المحافظات هناك رجال أعمالٍ أيضاً ، ولكنهم مع الأسف ينظرون إلى هذه الأزمة وكأنها لا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد ، رغم أن قدراتهم المالية تتيح لهم إقامة الكثير من مشاريع النقل الجماعي الكفيلة بحل الأزمة أو على الأقل التخفيف منها ، ولكنهم غير مكترثين على الرغم من أن كل هؤلاء الذين يتعرّضون ويعانون من هذه الأزمة المتفاقمة هم الزبائن الحقيقيون لاستهلاك واستخدام المواد التجارية والصناعية .
الحل في يدنا .. وإلى حدٍّ كبير على الأقل ، فلماذا لا نبادر
على الملأ- علي محمود جديد