تقاسمهم أرزاقهم دون وجه حق معاصر الزيتون في حمص تسرق المزارعين على المكشوف

الثورة أون لاين :تحقيق سهيلة إسماعيل

قال الشاعر محمود درويش في مطلع قصيدة (الزيتون) : لو يذكر الزيتون غارسه لصار الزيت دمعا … وسنستعير القول للدلالة على مدى التعب الكبير الذي يبذله مزارعو الزيتون ، تعب يبدأ مع الغراس الصغيرة إلى أن تصبح أشجاراً مثمرة ، فتبادل مزارعيها عطاء بعطاء أكبر وحباً بحب ، وكم سيصاب المزارع بالقهر عندما يأتي من يسرق تعبه وموسمه لتحقيق مكاسب مادية ، تنطوي على الجشع وفساد الضمير والأخلاق ، هذا ما حصل في موسم عصر الزيتون في محافظة حمص العام الحالي ، حيث تلقى مكتب الجريدة في حمص أكثر من شكوى على أصحاب معاصر الزيتون .
* المزارعون : غش واضح ومراوغة مكشوفة
ذهب المهندس حافظ بربر من بلدة فاحل في ريف حمص الغربي ليعصر محصوله من الزيتون في معصرة مريمين المجاورة لقريته ، وقد أكد لنا أن أرضه تمتاز بخصوبتها وبجودة شجر الزيتون المزروع فيها ، فهي ومنذ سنوات عديدة تعطي موسماً جيداً ، وكل 2.900 أو 3000 غرام زيتون تعطي كيلو زيتاً ,، فعمد هذا العام إلى وضع اسمين مختلفين على أكياس ثمار الزيتون قبل الذهاب إلى المعصرة ، ليُفاجأ أن الفرق بين الكميتين هو 2 كيلو زيت ، مع أن الثمار نفسها ومن الأرض ذاتها ، وعندما احتج واعترض على نتيجة العصر ، أصبح صاحب المعصرة يراوغ ، ويقدم حججاً واهية بعيدة عن الواقع ، وغير مقنعة ، فما كان من المواطن حافظ بربر إلا الاتصال بلجنة معاصر الزيتون المشكلة من مندوبين من مديرية الزراعة ومديرية التجارة الداخلية ومديرية الصناعة لتقديم شكوى بحق صاحب المعصرة ، لأنه متأكد من وجود غش وربما سرِقة وتلاعب واضحيْن في نتيجة العصر ، وهو كغيره من المزارعين لا يقبل بأن يُسرق تعبه أمام عينيه ، وأن يتعرض للابتزاز بهذه الطريقة البشِعة والمنافية للأخلاق .
* سرقة بالعلن
قصة أخرى مشابهة حصلت مع المواطن محمود المصطفى من قرية تليل الواقعة على طريق حمص – مصياف ، عندما أخذ 650 كغ زيتون إلى (معصرة تليل) ، وحين أتى دوره وبعد عدة دقائق كانت نتيجة العصر ثلاثة غالونات فقط .. أي كل 10 كيلوغرام زيتون أعطت كيلو زيتاً ، وحين اعترض على النتيجة قال له صاحب المعصرة : (اشتكي وافعل ما شئت …) ، وبحسب ما أكد لنا فكل عام ينتج لديه من كل 4.5 كغ زيتون كيلو زيت ولأنه أحس بالغبن والقهر قدم شكوى بحق المعصرة في مديرية التموين والتجارة الداخلية ، وأضاف السيد محمود أن معظم عمليات الغش تحدث ليلاً ، حيث تبقى نسبة كبيرة من الزيت في البيرين ، وهذا ما أثبتته نتيجة التحليل المخبري للعينات المسحوبة والمُحللة في مديرية التموين والتجارة الداخلية بحمص ، ليعود أصحاب المعاصر ويعصروه ثانية لاستخلاص الزيت منه وبيعه ، خاصة وأن عبوة الزيت تجاوزت ال ـ 100 ألف ليرة هذا العام .
وعلّق المصطفى على ما حدث معه ومع غيره من المزارعين بأن أصحاب معاصر الزيتون يعتمدون على قوة المال ، ويعتبرون أن القانون إلى جانبهم ، وإلا لما تجرؤوا على الغش والسرقة…!!
وكما علمنا من مزارعين في مناطق مختلفة من ريف المحافظة فقد تكررت الشكوى من أصحاب معاصر الزيتون خلال الموسم الحالي ، وجميعها كانت قصصاً متشابهة ما يؤكد وجود شيء غير طبيعي .
* مع أصحاب المعاصر
حاولنا معرفة سبب ما يحصل من أصحاب معاصر الزيتون أنفسهم فقدموا تبريرات غير مقنعة ، مثل تأثير المطر على نسبة الزيت ، مع إصرارهم على عدم وجود أي غش من قبلهم ، كما علمنا أن البعض منهم حاول أن يعوض خسارته بسبب تدني أجرة عصر الكيلو في بداية الموسم (40 ليرة سورية لكل كيلو) ، وتقدموا بشكوى لعضو المكتب التنفيذي المختص في المحافظة وتمت الاستجابة لشكواهم ، فأصبحت أجرة عصر الكيلو الواحد 50 ليرة ، ومع ذلك لم يشكل هذا الأمر رادعاً لهم ولجشعهم ، مع أنهم يحصلون على مخصصاتهم من الوقود ، وهذا ما لم يقتنع به صاحب معصرة في منطقة القصير في ريف حمص الجنوبي ، حيث طالب أن يتم تصنيف مهنة عصر الزيتون كمهنة زراعية وليس صناعية ، لأنها مرتبطة ارتباطاً وثيقا بالزراعة ، ما ينعكس إيجاباً من ناحية الدعم ، وذكر صاحب معصرة أخرى في ريف حمص الغربي أنهم يعانون من عدم وجود أمكنة لرمي مخلفات المعاصر ، ولا يُسمح لهم برميها في الأراضي الزراعية ، بالإضافة إلى غلاء المحروقات وقلة اليد العاملة وارتفاع الأجور في حال تواجدها .
رأي مديرية التموين والتجارة الداخلية
وحول مصير الشكاوى المُقدمة من المزارعين بحق أصحاب معاصر الزيتون قال مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحمص المهندس رامي اليوسف : يتم سحب عينة في حال ورود شكوى بحق أي معصرة ، وإذا كانت نتيجة التحليل مطابقة للمواصفات يتم حفظ الشكوى ، أما في حال كانت مخالفة فيتم تحويل الموضوع إلى القضاء المختص للتحقيق فيه واتخاذ الإجراءات المناسبة ، وأضاف اليوسف أنه تم تلقي العديد من الشكاوى هذا الموسم بحق معاصر الزيتون ما يدل على وجود خلل ما .

ولجنة مديرية الزراعة كانت محطتنا الأخيرة مع رئيسة لجنة مراقبة عمل المعاصر في مديرية زراعة حمص المهندسة لما قسيس ، حيث أكدت وجود الكثير من الشكاوى بحق أصحاب المعاصر ، ونفت أن يكون سبب الخلل في عملها هو تقليل أجور العصر ، لأنه ومع بداية الموسم تمت الاستجابة لمطلب أصحاب المعاصر ورفع الأجور ، وأصبحت الأجور 50 ليرة للكيلو منذ بداية الشهر المنصرم ، و60 ليرة إذا أراد المزارع أخذ كمية البيرين الناتجة عن العصر .
وعن مهمة اللجنة قالت قسيس : نقوم بجولات ميدانية على معاصر الزيتون في المحافظة ، ولكل عضو في اللجنة دوره لأنها تضم مندوبين من مديرية البيئة ومديرية الموارد المائية والتجارة الداخلية ، ومديرية صناعة حمص . بالإضافة إلى مهندسين من الإرشاديات الزراعية في أماكن تواجد المعاصر ، ولكل عضو في اللجنة دوره ، وفي حال ثبتت مخالفة المعصرة لأي شرط من شروط الترخيص يتم إغلاق المعصرة . ونوَّهت قسيس بازدياد عدد شكاوى المزارعين خلال الموسم الحالي ، مع العلم أن اللجنة تعمل وفق معايير محددة كتحديد نسبة الزيت المتبقي في البيرين ، وتصريف مخلفات العصر (مياه الجفت والبيريت الصلب) لعدم تلويث البيئة أو المياه الجوفية .
وختمت قسيس بأن عدد المعاصر الموجودة في حمص 65 معصرة ، 45 منها تعمل فعلياً والمتبقي لم يتقدموا بطلبات تمديد . وأخيراً نتمنى من الجهات المعنية في المحافظة إنصاف المزارعين ووضع حد لما حدث ويحدث من خلل في عمل معاصر الزيتون ، لأن المواطن لم يعد يحتمل أكثر من ذلك

آخر الأخبار
وزير المالية: محادثاتنا في واشنطن أسفرت عن نتائج مهمة وزارة الرياضة والشباب تطوي قرارات إنهاء العقود والإجازات المأجورة لعامليها طموحاتٌ إيران الإمبريالية التي أُفشلت في سوريا تكشفها وثائق السفارة السرية خبير اقتصادي لـ"الثورة": إعادة الحقوق لأصحابها يعالج أوضاع الشركات الصناعية عمال حلب يأملون إعادة إعمار المعامل المتضررة مركز التلاسيميا بدمشق ضغط في المرضى وقلة في الدم الظاهر: نستقبل أكثر من ٦٠ حالة والمركز لا يتسع لأك... استمرار حملة إزالة البسطات العشوائية في شوارع حلب الأونروا: لم تدخل أي إمدادات إلى قطاع غزة منذ أكثر من 7 أسابيع صحة حلب تتابع سير حملة لقاح الأطفال في منبج هل سيضع فوز الليبراليين في انتخابات كندا حداً لتهديدات ترامب؟  بمبادرات أهلية تركيب 60 جهاز إنارة لشوارع دير الزور غرق عبارتين تحملان شاحنات بنهر الفرات الثورة" على محيط جرمانا.. هدوء عام واتصالات تجري لإعادة الأمن العفو الدولية": إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية في غزة ويجب محاسبتها   العراق تدعو لتسوية تضمن وحدة سوريا واستقراها 90 ألف غرسة مثمرة والخطة لإنتاج 69 ألف غرسة أخرى في القنيطرة ثانوية جديدة للعلوم الشرعية في طفس تعاون هولندي ومشاريع قادمة لمياه حلب بحث احتياجات حلب الخدمية مع منظمة UNOPS   المخابز تباشر عملها في درعا بعد وصول الطحين