الملحق الثقافي:وهيب عجمي – شاعر لبناني:
سحرٌ تألَّقَ بالبيانِ رِداهُ
وبِروحهِ خطَّ الكتابَ إِلهُ
عربيَّةٌ لغتي لِسانُ قضيَّتي
آفاقُ حلُمي، للفَلاحِ نداهُ
حملتْ زُهورَ مودَّتي أَغْصانُها
فتعطَّرتْ بشَذا الرَّبيعِ رُباهُ
أَوْدَعتُها قلبي وعقْلي والرُّؤى
وإذا فُؤادي نابضٌ برؤاهُ
وغسلْتُ أَوجاعي بطهْرِ مدادها
سالَتْ بشرْياني الحزينِ دِماهُ
يا سائِلي عنْ سِرّها هذا دَمي
عبرَ السُّطورِ مُورّدٌ بِجناهُ
منْ ظنَّها حبراً فَقد جَهلَ التي
منحتْ فُؤادي أن يعيشَ مَداه
ساكَنْتُها قَصْرَ الرَّوائعِ بَعدما
أَخذتْ يديَّ إلى الكتابِ يَداهُ
غازَلتُها فَازدَدْتُ فيها رفْعَة
وبنيتُ مجداً مجدُها أَعْلاهُ
فاضتْ علَيَّ بعطْفِها حتى غَدَتْ
نهراً جَرى في أَضْلُعي مَجْراهُ
ليَعودَ منْ عَيني لآلئ أَهْرَقَتْ
دَمَها فِداءً للّذي تَرْعاهُ
أَوْ لَسعَة لِلشِّعرِ بينَ جَوارِحي
سرحت بِبَيْتِ قَصيدِهِ ذكراهُ
أَو كوكباً في اللَّيْلِ ينتظرُ اللُّقا
بحبيبةٍ مجنونةٍ تَهْواه
أَلْقى الضِّياء على مَدارِ جَبينِها
فتكحَّلتْ عَيْنُ السَّما بِسَناهُ
لُغَتي البِحارُ، مَراكِبٌ ومُسافِرٌ
شابَتْ على شَطِّ الحنينِ خُطاهُ
وهُوِيَّةٌ أَعتزُّ فيها كلَّما
هَتَفَ اليَراعُ مُنادِياً أُمّاهُ
ما أَعظمَ الحرفَ الّذي سُكِبَتْ بِهِ
روحُ البلاغةِ فَارتقى مَغناهُ
ما أَروعَ الوترَ الذي عُزِفتْ بهِ
روحُ العِبارَةِ فاغْتَنى مَعْناه
لُغَتي وَما أَحْلى مُعانَقَتي لَها!
جَدَّدْتُ فيها مولدي وصِباهُ
لولاكِ يا أُمَّ المَعارفِ ما اهْتَدتْ
لِصَوابها في مُلْهِمٍ عَيْناهُ
بَخلَ الزَّمانُ على الزَّمانِ لِيَبْتَلي
قلقاً فَيمتلئ الدُّجى بِعُواهُ
ما جادتِ الفُصْحى بوصْفِ حَبيبِها
لَما تغنَّتْ في الهَوى شفتاهُ
لَوَّنتُ عصْفورَ الكلامِ بريشَتي
أَطْلقْتُهُ طَيْرَ الغِوى لِغِواهُ
ألبستهُ حُزْنَ الشِّتاءِ رَمادَهُ
فَاغروْرَقتْ في أَعْيُني عَيناهُ
ونفختُ شَعْرَ النّارِ بَرْقاً راعِداً
فِانشَقَّ صدْرُ المشْتَري لصَداهُ
رصَّعتُ أَجْواءَ الفضاءِ بِدُرِّهِ
حتى استحالَتْ أَنْجُماً بضياهُ
لُغَتي الكَريمَةُ لَوْ دخلتَ لِدارها
وهبتكَ إرثاً للمدى تحْياهُ
وأَخالُ أَنَّ البَحْرَ مِنْ فَيَضانِها
مَلأَ المَدى فتكرَّمتْ يُمْناهُ
لُغتي بِها سيَّجتُ أَمكنة الدُّنى
وَكذا الزَّمانُ بِحَرْفِها مَأْواهُ
والكونُ مأسورٌ ببعضِ حُروفِها
ونجومهُ مذْعورةٌ تخشاهُ
التاريخ: الثلاثاء8-12-2020
رقم العدد :1023