لين خلوف في ثقافي أبو رمانة.. خبرات تقنية في التشكيل التجريدي..

الثورة أون لاين – أديب مخزوم:

ضمن حلقة النشاطات الثقافية التي أقيمت مؤخراً في المركز الثقافي بأبو رمانة، تابعنا معارض تشكيلية لأسماء شابة، ترتكز على ثقافة ومثابرة واطلاع، ومن ضمنها لوحات الفنانة الشابة لين خلوف، المنجزة في المحترف الأكاديمي بكلية الفنون، وهي تتجاوز فيها إطار الرسم الواقعي، والموديلات الموجودة في المحترف الأكاديمي، رغم أنها تعاملت بصياغة واقعية في مراحل سابقة، ملتزمة بالنسب الصحيحة وتدرجات الظل والنور وغيرها.

منطلق تجريدي..
إنها لوحات لإثارة الأسئلة، لأن الارتجال الذي نجده في حالات التلوين والتكوين يبعدنا مسافات عن الإشارات الواقعية المباشرة، ويدخلنا في جوهر الحالة الرمزية للون، والتي تعمل من خلالها لإبراز دلالاته الروحية، وبقايا معطيات الصور الممحية، والمتداخلة بين الإشارات والرموز التجريدية على جدران الأزمنة المنسية.
فالتشكيل الذي تجسده في كل مرة أو تعمل على استعادته هو رمز للتعبير عن جدلية العلاقة الشعورية واللاشعورية مع الأزمنة الميثولوجية والمعاصرة. ففي بعض أعمالها لا تعتمد الشكل الطبيعي بل تستبدل ذلك كله بالأثر، الذي نتج عن مشاهداتها وتأملاتها ومتابعاتها، حتى أنها تترك اللون السائل يسيل أحياناً، من أعلى اللوحة إلى أسفلها، لتصل إلى هذه الطريقة المستحدثة من الفن اللاشكلي أو اللا تشخيصي.
وهذه الإشارات والرموز المجسدة في اللوحة بحركات لونية تأخذ أحياناً شكل المربع والمستطيل والخطوط الشاقولية والأفقية والمائلة والمتقطعة أحياناً، تمثل العودة إلى الجدار القديم أو الزي أو الشكل التراثي وما عليه من إشارات ورموز شكلية.
ومن هذا المنطلق ترتبط لين خلوف بإيقاعات تشكيلية قديمة وحديثة في آن، حين تذهب إلى مثل هذا التبسيط والتجريد والحرية، فتحول مساحة اللوحة إلى فسحة للتشكيل الهندسي والغنائي، وتجسد أحياناً الأشكال أو إشاراتها الدالة عليها، مهتمة باستقلاليتها وبما يجري داخل مساحتها من إضاءة تدخلنا إلى أغوارها ولا تتوقف فقط عند قشورها الخارجية.


معالجات مختلفة..
على الصعيد التقني لا نستطيع أن نحصر أعمالها بتوجه تقني محدد كأن نقول مثلاً: ترسم بالزيت أو تشكل بالكولاج أو بالمواد المختلطة..الخ.. ذلك لأنها رغم ما للتلوين الزيتي من تأثير في لوحاتها فهي في النهاية تقدم نفسها ضمن دائرة تجعلها غير محددة بتعبير واحد وغير مختصرة بسمة مدرسية ضيقة (على الصعيدين التشكيلي والتقني).. فاللوحة بالنسبة إليها يمكن أن تأتي بمعالجات وتقنيات مختلفة وإن حافظت على الروح الواحدة أو البصمة الخاصة، وهذا ما اسميه بوحدة الاختلاف أو وحدة التنوع.
إن حضور بعض الأشكال في لوحاتها ليس حضوراً مادياً بقدر ما هو حضور روحي معنوي وبقدر ما هو في الأساس مدخل للسرد اللوني والخطي العفوي والتلقائي، ففي بعض اللوحات يغيب الشكل الواقعي، في ذلك الأداء التشكيلي القريب من تشكيل الأزياء والبسط والسجاد والزخرفة الفطرية الباقية في ذاكرة العين ومخزونها البصري، أما في العدد الغالب من الأعمال فنجد الشكل قد ابتعد عن هيئته الواقعية، ودخل في رمزيته الخاصة، بحيث تتحول اللوحة هنا إلى فسحة تأمل زاخرة بالإشارات والرموز والتعابير الذاتية الانفعالية.
من هنا كان الجمع في المعرض بين التعبيرية الرمزية وبين التجريد اللاشكلي، بين تبسيط الأشكال الواقعية، وبين ذلك التركيب الفطري المكثف الذي يقرب اللوحة من صيغة التشكيل التجريدي، المفتوح على الماضي الموغل في القدم، والممتد إلى الحاضر وثقافة فنون العصر.

انزياحات مفاجئة..
ما هو لافت في لوحات لين أيضاً تلك الإيقاعات اللونية التي تهدأ مرة وتعنف مرة أخرى، فالمساحة تشف أحياناً، وتبرز أحياناً بصياغة وحشية تنتجها الخطوطية الانفعالية في حركات الفرشاة التلقائية التي تتركها تعطي كل ما تملك من حساسيات بصرية تنسجم مع السياق التعبيري العام في المعرض.
في عدد قليل من اللوحات نلحظ في لونيتها انزياحاً مفاجئاً عن ذلك الاسترسال التعبيري لإظهار اللغة البصرية الشاعرية بلياقة تقنية مكثفة وبعيدة عن ذلك الاختصاراللوني، الموجود في لوحتها التي تتشكل من ثلاثة مساحات لونية متجاورة فقط.
هكذا تضعنا أمام تنوع بارز في أسلوب المعالجة للأشكال والألوان والإضاءة والانفعال الداخلي، الذي يحرك المساحة، فبداية اللوحات تبدو هادئة على عكس اللوحات التي وجدناها في نهاية المعرض، والمتجهة نحو التعبير اللوني الذي يلتقط لحظات انفعالية غير مستقرة، وهذا ما نلاحظ من خلال تبديل مستوى وضوح ظل أو خيال أو روح الشكل أحياناً، بين لوحة وأخرى، فتتدرج اللوحات من التشكيل التجريدي البحت للمساحات الواسعة، إلى التجريد الذي تستخدمه أحياناً خارج إطار تحديد اللوحة بشكل أو بمعطى له دلالة مرتبطة بالواقع.
ويمكن القول إن ظهور اللمسة العفوية الأكثر ارتباطاً بحالات الانفعال الوجداني، لم تأتِ إلا نتيجة البحث المستمر والمتواصل، أو نتيجة اختباراتها المتتابعة التي أظهرت مرونة رموزها التعبيرية التلقائية. إذ الأهم بالنسبة لها، وضوح الإيقاعات اللونية الحاملة خلاصة بحوثها وتشكيلاتها المسكونة بدرجات أعلى من الانفعال، والمشغولة بكتل لونية تتجه إلى الكثافة مرة وإلى الشفافية مرة أخرى. وهذا الانعطاف أو التحول الجدي يرتكز على خبرات تقنية، ومتابعات مكثفة، ومغامرة جادة، جعلت اللون أكثر تركيباً وتداخلاً، من دون أن تكون هناك صيغة عبثية أو مجانية، إذ لا تستقر لمستها من الضربة الأولى، طالما تحركها دائماً بلغة انفعالية وحركية شديدة التكثيف.
والتجريد اللوني هنا هو فن موسيقا اللون وينبوع الروح، الذي يتغذى من الإمكانات اللامحدودة لإيقاعات التلوين التلقائي والعفوي والمتحرر. فاللون التلقائي والعفوي هو المنطلق الرحب لاستشفاف الموسيقا البصرية المقروءة في اللوحة، هو المرجع الأكثر إيقاعية وغنائية وحيوية وشاعرية، هو القوة الإيحائية الرمزية والدلالية، هو الإيقاع البصري الذي يعطي اللوحة مداها لتطرب العين. فهي تضع ضرباتها اللونية المتتابعة على سطح اللوحة لتصوغ باللمسة إيقاعية اللون ونسيج الإحساس، الذي يفتت العناصر التشكيلية الواقعية، ويبرزها كنوتات موسيقية متدرجة في تناغمها وتوهجها.

آخر الأخبار
الأتارب تُجدّد حضورها في ذاكرة التحرير  الثالثة عشرة وزير الطوارئ يبحث مع وزير الخارجية البريطاني سبل مكافحة حرائق الغابات تحية لأبطال خطوط النار.. رجال الإطفاء يصنعون المعجزات في مواجهة حرائق اللاذقية غابات الساحل تحترق... نار تلتهم الشجر والحجر والدفاع المدني يبذل جهوداً كبيرة "نَفَس" تنطلق من تحت الرماد.. استجابة عاجلة لحرائق الساحل السوري أردوغان: وحدة سوريا أولوية لتركيا.. ورفع العقوبات يفتح أبواب التنمية والتعاون مفتي لبنان في دمشق.. انفتاح يؤسس لعلاقة جديدة بين بيروت ودمشق بريطانيا تُطلق مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق وتعلن عن دعم إنساني إضافي معلمو إدلب يحتجون و" التربية"  تطمئن وتؤكد استمرار صرف رواتبهم بالدولار دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض