الثورة أون لاين- فاتن حسن عادله:
تماهي المنظمات الدولية مع آلة الإرهاب والإجرام الغربية تبدو واضحة تماماً ومتجلية، ولكنها لن تستطيع حجب هذه الجرائم بغربال، فجرائم أميركا وبريطانيا بحق العراقيين لا تزال قائمة ماثلة ولا يمكن أن تحجبها قرارات أو تبريرات، فالأدلة واضحة على إرهاب الجنود الأميركيين والبريطانيين بحق العراقيين وما فعلوه بهم من قتل وذبح وتنكيل وتشريد وتهجير وتدمير وتعذيب وتفجيرات تجري حتى اليوم عبر وجود عسكري مقنع بحجج غير مبررة، لمواصلة زعزعة استقرار هذا البلد.
أحد فصول هذا التماهي مع الغرب ظهر مجدداً من خلال المحكمة الجنائية الدولية التي تجاهلت الجرائم التي ارتكبها الجنود البريطانيون بحق المدنيين أثناء غزو العراق، بحجة أن هذه المحكمة لم تتمكن من العثور على أي دليل على أن بريطانيا حمت مشتبها بهم من الملاحقة أمام محاكم بريطانية، وهذا بحد ذاته انفصال عن الواقع، فالعالم كله بات يدرك حقيقة جرائم الحرب المرتكبة من قبل الجنود الأميركيين والبريطانيين وهناك مئات التقارير التي توثق تلك الجرائم، حتى أن صحيفة (صنداي تايمز ) كشفت في مقال لها خلال تشرين الثاني من العام الماضي عن تستر الحكومة البريطانية على وثائق سرية تم تسريبها مؤخرا تحوي أدلة على تورط الجنود البريطانيين في جرائم قتل أطفال وتعذيب مدنيين في العراق وأفغانستان، ولكن توجه المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا نحو إغلاق ملف تحقيق أولى في جرائم الحرب التي ارتكبها الجنود البريطانيون، هو بهدف التستر على تلك الجرائم، ومحاولة مكشوفة لتبييض صفحة الحكومة البريطانية الداعمة للإرهاب في أكثر من مكان في العالم.
إذا فتبريرات بنسودا هذه لا يمكن أن تنم إلا عن تسييس أو تحيز واضخ لمصلحة بريطانيا، ولاسيما أن خطوتها تتناقض مع ما كانت قد توصلت إليه هذه المحكمة في السابق، والتي أكدت وجود أدلة ذات مصداقية على أن قوات بريطانية ارتكبت جرائم حرب في العراق وأساءت معاملة معتقلين وأشهرها المعروفة بقضية بهاء موسى الذي كان عامل فندق في البصرة وتوفي بعد تعذيبه وضربه على أيدي قوات بريطانية، ولكن برنامج بانوراما بالتعاون مع صحيفة صنداي تايمز البريطانية كشف معلومات جديدة عن حالات قتل حدثت في مركز اعتقال بريطاني بالبصرة.
جرائم جنود حرب بريطانيا على العراق، لا يمكن أن تسقط بالتقادم أو يتم الالتفاف عليها عبر مرور الوقت، وخطوة بنسودا لن تستطيع إبقاء الجناة والمتورطين بجرائم قتل ضد العراقيين قيد السرية وبعيدا عن المحاسبة والعقاب، فلا بد للمجرم أن يحاسب.